للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٣٩٥- (٢) وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه))

ــ

مغابن جسده، ومواضع عرقه، فاستحب له غسل اليد تنظفاً وتنزهاً، قال: وتعليقه بنوم الليل لا يدل على الاختصاص؛ لأن المستيقظ لا يمكنه التحرز من مس رفغه وإبطه، وفتل ما يخرج من أنفه، وقتل برغوث، وحك موضع عرق، فإذا كان المعنى الذي شرع له غسل اليد موجوداً في المستيقظ لزمه ذلك الحكم، ولا يسقط عنه بأن الشرع علقه على النائم- انتهى مختصراً ملتقطاً. وعلى هذا يكون الحكم عاماً لكل متوضئ، ولا يختص بالنائم، وأما على ما قال الشافعي وغيره في سبب الحديث فيكون استحباب الغسل للمتوضئ المستيقظ من النوم خاصة، وهذا القدر يكفي لمناسبة الحديث بالباب. وأما من يريد الوضوء من غير نوم فيستحب له، لما سيأتي في صفة الوضوء من أفعاله - صلى الله عليه وسلم -. ثم النهي عن الغمس قبل الغسل للتنزيه، والأمر في رواية "فليغسل" للندب عند الجمهور، فلو خالف، وغمس قبل الغسل فقد أساء، ولا يفسد الماء والقرينة الصارفة التقييد بالثلاث في غير النجاسة العينية، فإنه يدل على ندبية الغسل، ولأنه علل بأمر يقتضي الشك في نجاسة اليدين، والوجوب لا يبني على الشك. وحمله أحمد على كراهة التحريم، وقال: بوجوب الغسل في نوم الليل، ولا يبعد من الشارع الإيجاب لرفع الشك، ومن قال: بأن الأمر بالغسل للتعبد كمالك، لا يفرق بين الشاك والمتيقن، والراجح عندي ما ذهب إليه الجمهور، والله أعلم. والحديث فيه مسائل كثيرة، منها استحباب غسل النجاسة ثلاثاً؛ لأنه إذا أمر به في المتوهمة ففي المحققة أولى. ومنها استحباب الأخذ بالاحتياط في العبادات وغيرها ما لم يخرج عن حد الاحتياط إلى حد الوسوسة. (متفق عليه) واللفظ لمسلم وأخرجه أيضاً مالك والشافعي وأحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وفي الباب عن ابن عمر وجابر عند الدارقطني وابن ماجه.

٣٩٥- قوله (فتوضأ) أي أراد الوضوء وسقط هذا اللفظ من نسخة الألباني (فليستنثر) أي فليخرج ماء الاستنشاق والقذر اليابس المجتمع من المخاط، يعني فليستنثر بعد الاستنشاق، فإن الاستنثار هو إخراج الماء الذي جذبه بريح الأنف إلى أقصاه، فهو من تمام الاستنشاق، والأمر للندب عند الجمهور، وللوجوب عند الظاهرية. (فإن الشيطان) الفاء للسببية (يبيت على خيشومه) بفتح الخاء قيل: أعلى الأنف، وقيل: كله، وقيل: هو أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ، وقيل: غير ذلك. قال عياض وغيره: بيتوتة الشيطان إما حقيقية، فإن الأنف أحد المنافذ التي يتوصل منها إلى القلب، والمقصود من الاستنثار إزالة آثاره، وليس عليه ولا على الأذن غلق، وفي الحديث "إن الشيطان لا يفتح غلقاً". وجاء الأمر بكظم الفم في التثاؤب من أجل دخول الشيطان في الفم. وإما مجاز، فإن ما ينعقد فيه من الغبار والرطوبة قذرات توافق الشيطان، فالمراد أن الخيشوم محل قذر يصلح لبيتوتة الشيطان، فينبغي للإنسان تنظيفه، والراجح أنه محمول على

<<  <  ج: ص:  >  >>