للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٣٩٦- (٣) وقيل لعبد الله بن زيد بن عاصم: ((كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟ فدعا بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين مرتين، ثم مضمض واستنثر

ــ

الحقيقة، وموكول معرفته وعلمه إلى الشارع، فإن الله تعالى خص نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأسرار يقصر عن دركها العقول والأفهام. فالصواب في أمثال هذه الأحاديث أن يؤمن بظواهرها، ويحترز عن بيان كيفياتها، وظاهر الحديث يقتضي أن يحصل لكل نائم. ويحتمل أن يكون مخصوصاً بمن لم يحترز من الشيطان بشيء من الذكر، كما في حديث آية الكرسي: (ولا يقربك شيطان) متفق عليه، أخرجه البخاري في بدء الخلق، ومسلم في الطهارة، واللفظ المذكور للبخاري، وأخرجه أيضاً النسائي.

٣٩٦- قوله (وقيل) القائل هو عمرو بن أبي الحسن الأنصاري، أخو عمارة بن أبي الحسن، جد عمرو بن يحيى بن عمارة، ففي رواية للبخاري من طريق وهيب، قال: شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد، وفي رواية أبي نعيم في المستخرج عن عمرو بن أبي حسن قال: كنت كثير الوضوء، فقلت لعبد الله بن زيد" الحديث. فهاتان الروايتان صريحتان في أن القائل والسائل هو عمرو بن أبي الحسن. (لعبد الله بن زيد بن عاصم) بن كعب الأنصاري المازني المدني صحابي شهير، له هذا الحديث، وأحاديث أخرى، قيل: شارك وحشياً في قتل مسيلمة الكذاب. مختلف في شهوده بدراً، استشهد بالحرة، وكان في آخر ذي الحجة سنة (٦٣) وهو ابن (٧٠) سنة، وهو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أرى النداء في المنام، وليس لابن عبد ربه إلا حديث الأذان فقط. (فدعاء بوضوء) بفتح الواو ما يتوضأ به والباء للتعدية أي طلبه (فأفرغ) أي صب الماء (على يديه) بالتثنية أي إحدى يديه، وفي المصابيح: على يده اليمنى، وكذا في رواية النسائي، ويؤيد رواية الإفراد الإظهار في موضع الإضمار في قوله (فغسل يديه) أي إلى الرسغين، وفيه غسل اليد قبل إدخالها في الإناء ولو كان من غير نوم. (مرتين مرتين) وفي المصابيح بدون التكرار، قال ابن حجر: وجه الاحتياج إلى التكرير أن الاقتصار على الأول يوهم التوزيع- انتهى. قال الحافظ: كذا لمالك بلفظ مرتين، ووقع في رواية وهيب عند البخاري، وخالد عند مسلم، والدراوردي عند أبي نعيم بلفظ "ثلاثاً". وهؤلاء حفاظ قد اجتمعوا، فروايتهم مقدمة على رواية الحافظ الواحد، ولم يحمل على وقعتين؛ لأن المخرج واحد، والأصل عدم التعدد-انتهى. وقال ابن حجر: اقتصر على مرتين في بعض الأحيان لبيان الجواز، وإلا فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه فعل الثلاث- انتهى. ثم غسلهما في أول الوضوء سنة باتفاق العلماء كما قاله النووي. قال الأمير اليماني: وليس هو غسلهما عند الاستيقاظ، أي الذي تقدم حديثه، بل هذا سنة الوضوء، فلو استيقظ وأراد الوضوء فظاهر الحديثين أنه يغسلهما للاستيقاظ ثلاث مرات، ثم للوضوء كذلك، ويحتمل تداخلهما- انتهى. قلت هذا الأخير هو الراجح عندي (ثم مضمض) المضمضة لغة تحريك الماء في الفم (واستنثر) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>