ما نهى الله عنه)) ، وهذا لفظ البخاري، ولمسلم قال:((إن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي المسلمين خير؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده)) .
٧- (٦) وعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه
ــ
الله عنه، فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام، كذا في الفتح، وفي الحديث بيان شعبتين من شعب الإيمان وهما سلامة المسلمين من لسان المسلم ويده، وهجر ما نهى الله عنه. (هذا لفظ البخاري) وأخرجه أبوداود والنسائي، (ولمسلم) أي في صحيحه عن عبد الله بن عمرو (خير) أي أفضل وأكمل، ورواه البخاري من حديث أبي موسى بلفظ ((قالوا: أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون ... )) الخ، والمراد أي ذوي الإسلام، أو أي أصحاب الإسلام، وفيه بيان للتأويل الذي ذكرناه في قوله ((المسلم)) من أنه محمول على التفضيل، والمراد المسلم الكامل، أو أفضل المسلمين، هذا، وقد ثبت من كون من سلم الناس من أذاه أفضل المسلمين وأخيرهم وأكملهم أن بعض خصال المسلمين المتعلقة بالإسلام أفضل من بعض، وحصل منه القول بقبول الإيمان للزيادة والنقصان، ففيه رد على المرجئة فإنه ليس عندهم إيمان وإسلام ناقص.
٧- قوله:(وعن أنس) بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام الأنصاري الخزرجي النجاري، خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نزيل البصرة، خدمه عشر سنين بعد ما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهو ابن عشر سنين، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألفا حديث ومائتا حديث وست وثمانون حديثاً، اتفقا على مائة وثمانية وستين حديثاً منها، وانفرد البخاري بثلاثة وثمانين، ومسلم بأحد وتسعين، وكان أكثر الصحابة ولداً، قالت أمه: يا رسول الله خويدمك أنس ادع الله له، فقال: اللهم بارك في ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه، فقال: لقد دفنت من صلبي مائة إلا اثنين، وكان له بستان يحمل في سنة مرتين، وفيه ريحان يجيء منه ريح المسك، وقال لقد بقيت حتى سئمت من الحياة وأنا أرجو الرابعة أي المغفرة، قيل: عمّر مائة سنة وزيادة، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة سنة (٩٣هـ) ، روى عنه خلق كثير، وكنيته أبوحمزة، وهي اسم بقلة كان يحبها، ومنه حديث أنس:((كناني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببقلة كنت أجتنيها)) ، (لا يؤمن) أي لا يكمل إيمان من يدعي الإيمان، فالمراد بالنفي كمال الإيمان ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم كقولهم: فلان ليس بإنسان. (حتى أكون) بالنصب بأن مضمرة، وحتى جارة، ومعنى هذه الغاية أعني حتى أكون ههنا وفي أمثاله هو أنه لا يكمل الإيمان بدون هذه الغاية، لا أن حصول هذه الغاية كافية في كمال الإيمان وإن لم يكن هناك شيء آخر. (أحب) بالنصب لأنه خبر أكون، وهو أفعل التفضيل بمعنى المفعول، وهو على خلاف القياس وإن كان كثيراً، إذ القياس أن يكون بمعنى الفاعل، وقال ابن