٤٠١- (٨) وعن المغيرة بن شعبة قال: ((إن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين))
ــ
سنده متفقا عليه للفريقين كما سمعت، دون المسح للاختلاف في سنده - انتهى (رواه مسلم) . الحديث بهذا اللفظ من إفراد مسلم، وأخرجه أيضاً أبوداود، والنسائي، وابن ماجه مختصراً، وهو عند جميعهم من حديث منصور عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو قال المنذري: واتفق البخاري ومسلم على إخراجه من يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو نحوه.
٤٠١- قوله:(فمسح بناصيته وعلى العمامة) بكسر العين، وفي رواية للنسائي: مسح ناصيته وعمامته. واستدل به لما ذهب إليه مالك والشافعي ومن معهما: من أنه لايجوز اقتصار المسح على العمامة، بل لا بد مع ذلك من المسح على الناصية. قيل: رواية مسلم هذه مفصلة، يحمل عليها ما في بعض طرقها: من أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والعمامة. أخرجها الترمذي وصححها. وذهب أحمد وغيره من فقهاء أصحاب الحديث إلى جواز الاقتصار على العمامة، واحتجوا بحديث عمرو بن أمية عند أحمد والبخاري وابن ماجه. وبحديث بلال عند أحمد، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وبحديث سلمان عند أحمد، وبأحاديث أبي أمامة، وخزيمة بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي ذر عند الطبراني. وبحديث أنس عند البيهقي، وغير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الزيلعي في نصب الراية واعتذر الأولون عن هذه الأحاديث بوجوه كلها مخدوشة، فمنها أنها معلولة مضطربة الأسانيد وفيها رجال مجهولون وفيه أن أكثر هذه الأحاديث صحيحة مستقيمة، كما حقق صحتها واستقامتها الحافظ في التلخيص وغيره. ومنها أن أحاديث المسح على العمامة من أخبار الآحاد فلا تعارض الكتاب، لأن الكتاب يوجب مسح الرأس. وفيه أن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح على العمامة، لأن من قال: قبلت رأس فلان يصدق ولو بحائل وسيأتي توضيحه. ومنها أن الله تعالى فرض المسح على الرأس، والحديث في العمامة محتمل التأويل، فلا يترك المتيقن للمحتمل، والمسح على العمامة ليس بمسح على الرأس وفيه أن هذا الوجه يرجع إلى الوجه الثاني، وقد تقدم جوابه وتوضيحه أنه أجزئ المسح على الشعر، ولا يسمى رأساً. فإن قيل: يسمى رأساً مجازاً بعلاقة المجاورة. قيل: والعمامة كذلك بتلك العلاقة، فإنه يقال: قبلت رأسه، والتقبيل على العمامة، ويؤيد ذلك حملهم قراءة الجر في {أرجلكم} في آية على حالة التخفف، فتأمل. ومنها أن أحاديث المسح على العمامة مجملة، وحديث المغيرة عند مسلم مفصل مفسر فتحمل عليه، ويقال: إن أداء المفروض من مسح الرأس وقع بمسح الناصية إذ هي جزء الرأس، وصارت العمامة تبعاً له، يعني أن المسح على العمامة كان زائداً على أصل الفرض، وتعميماً وتكميلاً، فرخص لهم - صلى الله عليه وسلم - بفعله بعد مسح الواجب أن يقتصروا من الاستيعاب على مسح العمائم. وفيه أنه لا موجب لحمل أحاديث المسح على العمامة على حديث المغيرة، فإنها وقائع مختلفة ليست حكاية عن فعل واحد في وقت واحد، وأما إن المسح على العمامة كان زائداً على أصل الفرض وإتماما ففيه أنه مجرد دعوى لا دليل عليها فلا يلتفت إليها. ومنها أنها حكاية حال فيجوز