٤١٨- (٢٥) وعن أبي أمامة ذكر وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((وكان يمسح الماقين، وقال:
ــ
عبد الله بن زيد، "ومسح رأسه بماء غير فضل يديه". قلت: حديث الربيع هذا صحيح أو حسن، ولا تعارض بينه وبين حديث عبد الله بن زيد لأنهما عن حادثتين مختلفتين، فلا حاجة إلى تأويل البيهقي، بل يقال: كلا الأمرين جائزان، إن شاء أخذ لرأسه ماء جديداً، وإن شاء مسحه بفضل ماء يكون في يده، لكن قيل: في متن حديث الربيع اضطراب، فإن ابن ماجه أخرج من طريق شريك عن ابن عقيل عنها، قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بميضاة فقال: اسكبي، فسكبت، فغسل وجهه وذراعيه، وأخذ ماء جديداً فمسح به رأسه مقدمه ومؤخره. قلت: شريك هذا هو ابن عبد الله القاضي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولى القضاء بالكوفة. وقال ابن معين: صدوق، ثقة إلا إذا خالف فغيره أحب إلينا منه، وقد خالف ههنا الثوري، فحديث شريك هذا مرجوح، ولا يعل الراجح بالمرجوح. والحاصل أنه يجوز كلا الأمرين عندي إلا أن الأولى أن يأخذ ماء جديداً لمسح الرأس ولا يقتصر على بلل يديه (رواه الترمذي) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضاً أبوداود وسكت عنه. (ورواه مسلم مع زوائد) أي مطولاً، وكذا الدارمي. فأصل الحديث مخرج في صحيح مسلم، وما رواه الترمذي طرف منه، والظاهر أن البغوي لم يشعر أنه في كتاب مسلم، ونقله عن جامع الترمذي فجعله من الحسان، أو شعر بذلك لكن نسى ذكره في الصحاح.
٤١٨- قوله:(وعن أبي أمامة) الظاهر أنه هو أبوأمامة الصدي بن عجلان الباهلي، لا أبوأمامة أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي كما توهم الطيبي، فقد ذكر الإمام أحمد هذا الحديث في مسنده في مسانيد أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان (ج٥:ص٢٥٨و٢٦٨) فصنيعه هذا يدل على أن أبا أمامة راوي حديث "الأذنان من الرأس" ومسح الماقين" عند أحمد، هو صدي بن عجلان الباهلي لا غير، ويؤيد ذلك صنيع الحافظ في تهذيب التهذيب (ج٤:ص٤٣٠) والإصابة (ج٢:ص١٨٢) ، حيث ذكر في ترجمة أبي أمامة الباهلي شهر بن حوشب (راوي هذا الحديث عن أبي أمامة) فيمن روى عنه، ولم يذكر شهراً فيمن روى عن غير أبي أمامة الباهلي ممن كنيته أبوأمامة، ويقوى ذلك أيضاً أن الشيخ عبد الغني النابلسي ذكر هذا الحديث في أحاديث أبي أمامة الباهلي، ولم يذكره في أحاديث غيره من كنيته أبوأمامة من الصحابة كأسعد بن سهل بن حنيف المتقدم ذكره، وأياس بن ثعلبة أبي أمامة البلوي الأنصاري. (ذكر وضوء رسول الله) أي وصف وضوءه، وفي بضع نسخ أبي داود: وذكر وضوء النبي (قال) أي أبوأمامة، وهو بدل من ذكر (وكان يمسح) أي يدلك (الماقين) تثنية مأق بفتح الميم وسكون الهمزة، ويجوز تخفيفها، وهو طرف العين الذي يلي الأنف والأذن، واللغة المشهورة موق، وإنما مسحهما على الاستحباب مبالغة في الإسباغ، لأن العين قلما تخلو من قذى ترميه من كحل وغيره، أو رمص فيسيل وينعقد على طرفي العين (وقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيكون مرفوعاً، أو