للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأذنان من الرأس)) ، رواه ابن ماجه، وأبوداود، والترمذي. وذكرا قال حماد: لا أدري الأذنان من الرأس من قول أبي أمامة؛ أم من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ــ

أبوأمامة فيكون موقوفاً، والراجح عندنا هو الأول لما سيأتي (الأذنان من الرأس) أي حكماً من حيث أنهما يمسحان بماء الرأس لا من الوجه، فيغسلان معه، واختلفوا في أنهما يمسحان ببقية ماء الرأس، أو يؤخد لهما ماء جديد، والراجح عندنا أنهما يمسحان بماء الرأس، ولو أخذ لمسحهما ماء جديداً لم يفعل بأساً لقوله: الأذنان من الرأس. وتقرير دلالته على ذلك أنه لايخلو من أحد الأمرين: إما أن يراد به الحكم أو بيان الخلقة، لا يجوز الثاني لكونه - صلى الله عليه وسلم - مبعوثاً لبيان الأحكام دون الخلقة والحقائق، ولكونهما من الرأس مشاهدة مغنية عن البيان، فتعين الأول، ثم لا يخفى إما أن يكون المراد من الحكم كونهما ممسوحتين بماء الرأس، أو كونهما ممسوحتين كالرأس، ولا يجوز الثاني، لأن اشتراك الشيء مع الشيء لا يوجب أن يكون ذلك الشيء من الشيء الآخر، كالرجل مع الوجه يشتركان في حكم الغسل، ولا يقال: إن الرجل من الوجه، فتعين الأول وهو كونهما ممسوحتين بماء الرأس، ويؤيد ذلك ما تقدم من حديث ابن عباس عند ابن حبان وغيره، في صفة الوضوء، وفيه "وغرف غرفة فمسح برأسه وأذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه إلى ظاهر أذنيه ... " الحديث. واستدل النسائي على ذلك بحديث: إذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، لأن خروج الخطايا منهما بمسح الرأس إنما يحسن إذا كانا منه، وقد سبق التنبيه على ذلك في أوائل الطهارة. قال شيخنا في شرح الترمذي بعد ذكر ما احتج به على أخذ الماء الجديد لمسح الأذنين أخذاً من النيل ما نصه: لم أقف على حديث مرفوع صحيح خال عن الكلام يدل على مسح الأذنين بماء جديد، نعم ثبت ذلك عن ابن عمر من فعله، روى مالك في موطأه عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه - انتهى. وقال ابن القيم في الهدى: لم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماء جديداً، وإنما صح ذلك عن ابن عمر. (رواه ابن ماجه وأبوداود والترمذي) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥:ص٢٥٨و٢٦٨) كلهم من حديث حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، وعن أبي أمامة، قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بذاك القائم (وذكرا) أي أبوداود والترمذي في روايتهما عن قتيبة، عن حماد، ولذا قدم المصنف عليهما ابن ماجه مع أنه خلاف العادة (قال حماد) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدى الجهضمي أبوإسماعيل البصرى أحد الأعلام الأثبات. قال الحافظ: ثقة ثبت فقيه. قيل: إنه كان ضريراً، ولعله طرأ عليه لأنه صح أنه كان يكتب. ولد سنة (٩٨) ومات في رمضان سنة (١٧٩) وله إحدى وثمانون سنة. (لا أدرى الأذنان من الرأس من قول أبي أمامة) أي موقوفاً. (أم من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي مرفوعاً. ورواه أبوداود أيضاً عن سليمان بن حرب عن حماد، وقال: قال سليمان بن حرب: يقولها أبوأمامة. ورواه ابن ماجه، عن محمد بن زياد، عن حماد بإسناده بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأذنان من الرأس"، وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح المأقين. وهذا اللفظ لا يحتمل أن يكون كلمة "الأذنان من الرأس" مدرجة في الحديث، بل هو نص في أنها من اللفظ النبوى، وقد أطالوا البحث في هذه الكلمة، وهل هي مدرجة

<<  <  ج: ص:  >  >>