للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣٤- (١) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جلس أحدكم بين شعبها الأربع، ثم جهدها، فقد وجب الغسل وإن لم ينزل)) متفق عليه.

ــ

مسماه الدلك، بقول العرب: غسل المطر الأرض، وليس في ذلك إلا الإسالة. قال الآلوسي في تفسيره (ج٦: ص٦٩) : ومنع بأن وقعه من علو خصوصاً مع الشدة والتكرر دلك أي: دلك، وهم لا يقولونه إلا إذا نظفت الأرض، وهو إنما يكون بدلك، وبأنه غير مناسب للمعنى المعقول من شرعية الغسل، وهو تحسين هيئة الأعضاء الظاهرة للقيام بين يدى الرب سبحانه الذي لا يتم بالنسبة إلى سائر المتوضئين إلا بالدلك – انتهى. وقال بعض الحنفية: الدلك معتبر في الغسل لغةً، وأقر به الشيخ ابن الهمام في فتح القدير، ولذا شرطه المالكية، وما لا دلك فيه لا يسمى غسلاً بل يقال له: الصب والإسالة – انتهى. قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: بلوا الشعر وأنقوا البشر، يشعر بوجوب الدلك، لأن الإنقاء لا يحصل بمجرد الإفاضة والإسالة. وقيل: الدلك ليس واجبا لذاته، إنما هو واجب لتحقق وصول الماء، فلو تحقق لم يجب، كما قاله ابن الحاج في شرح المنية، واشترط الدلك في الغسل.

٤٣٤- قوله: (إذا جلس أحدكم بين شعبها الأربع) أي يديها ورجليها، أو رجليها وفخذيها وشغريها، أو ساقيها وفخذيها، أو نواحي فرجها الأربع، والشعب - بضم المعجمة وفتح المهملة - النواحي جمع شعبة. (ثم جهدها) يقال: جهد وأجهد أي: بلغ المشقة يعني بلغ جهده في العمل بها، أي: حفزها وكدها بحركته، والمراد ههنا الجماع ومعالجة الإيلاج، كنى به عنها، ففي رواية أبي داود: وألزق الختان بالختان، بدل قوله: ثم جهدها، فهذا يدل على أن المراد بالجهد ههنا الجماع. (فقد وجب الغسل) أي: عليهما. (وإن لم ينزل) ولا أنزلت هي. فيه دليل على أن الإنزال غير مشروط في وجوب الغسل، بل المدار على الإيلاج وغيبوبة الحشفة في الفرج وهو الحق. وقيل: لا يجب الغسل إلا بالإنزال، وكان الخلاف فيه مشهوراً بين الصحابة، ثم استمر بين العلماء بعدهم إلى عصر المؤلفين من الأئمة حتى قال البخاري في صحيحه: الغسل أحوط، وذاك الأخير إنما بينا لاختلافهم، والماء أنقى، لكن الخلفاء الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم على إيجاب الغسل بمجرد الجماع، ولو لم ينزل وهو الصواب (متفق عليه) هذا يقتضي أن قوله: وإن لم ينزل، متفق عليه، وهو ليس في صحيح البخاري، بل هو من أفراد مسلم عن البخاري، وسبق المصنف في عزوه إلى الصحيحين جميعاً ابن الأثير في جامع الأصول، والظاهر أن المصنف تبعه واعتمد عليه، وقيل عزاه لهما جميعاً نظراً إلى أصل الحديث لا بالنظر إلى جميع ألفاظه. والحديث أخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه، لكن قوله: (وإن لم ينزل) ، من أفراد أحمد ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>