٤٣٥- (٢) وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الماء من الماء)) رواه مسلم.
٤٣٦- (٣) قال الشيخ الإمام محى السنة رحمه الله: هذا منسوخ. وقال ابن عباس: إنما الماء من الماء في الاحتلام.
ــ
٤٣٥- قوله:(إنما الماء من الماء) أي: الاغتسال من الإنزال، فالماء الأول المعروف، والثاني المني، وفيه من البديع الجناس التام. والحديث دال بمفهوم الحصر على أنه لا غسل إلا من الإنزال، ولا غسل من مجاوزة الختان الختان، لكن الجمهور على أنه منسوخ. (رواه مسلم) في قصة عتبان بن مالك، قال أبوسعيد: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على باب عتبان فصرخ به فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعجلنا الرجل"، فقال عتبان: أرأيت الرجل يعجل عن امرأته، ولم يمن ماذا عليه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الماء من الماء". وأخرجه أيضاً أبوداود، وابن خزيمة، وابن حبان بدون القصة. وروى البخاري القصة ولم يذكر الحديث، ولذا قال الحافظ في بلوغ المرام: وأصله عند البخاري، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أعجلت أو أقطحت فعليك الوضوء. والحديث له طرق عن جماعة من الصحابة عن أبي أيوب، ورافع بن خديج، وعتبان بن مالك، وأبي هريرة، وأنس، وغيرهم.
٤٣٦- قوله:(هذا) أي: حديث أبي سعيد (منسوخ) بحديث سهل بن سعد عن أبي كعب، قال: إنما كان الماء من الماء، رخصة في أول الإسلام، ثم أمرنا بالاغتسال بعد. أخرجه أحمد والدارمي والترمذي وأبوداود وابن ماجه والبهقي والدارقطني وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وقال الإسماعيلي: إنه صحيح على شرط البخاري، وقال الحافظ: هو إسناد صالح لأن يحتج به. وبحديث رافع بن خديج قال: ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أنزل، فاغتسلت، وخرجت، فأخبرته، فقال: لا عليك، الماء من الماء. قال رافع: ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالغسل. أخرجه أحمد (ج٤:ص١٤٣) وذكره الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ (ص٢٢) وحسنه، وفي تحسينه نظر، وبالجملة الحديثان صريحان في النسخ، وقد ذكر الحازمي في كتابه آثاراً تدل على النسخ. قال الأمير اليماني: حديث الغسل وإن لم ينزل، أرجح لو لم يثبت النسخ، لأنه منطوق في إيجاب الغسل، وذلك مفهوم، والمنطوق مقدم على العمل بالمفهوم، وإن كان المفهوم موافقاً للبراءة الأصلية، والآية تعضد المنطوق في إيجاب الغسل، فإنه قال تعالى:{وإن كنتم جنباً فاطهروا} . قال الشافعي: إن كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع، وإن لم يكن فيه إنزال. قال: فإن كل من خوطب بأن فلاناً أجنب عن فلانة، عقل أنه أصابها وإن لم ينزل. قال: ولم يختلف أن الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع ولو لم يكن منه إنزال، انتهى. فتعاضد الكتاب والسنة على إيجاب الغسل من الإيلاج (وقال ابن عباس: إنما الماء من الماء في الاحتلام) يعني أن حديث "الماء من الماء" محمول على صورة مخصوصة، وهي ما يقع في المنام