للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الماء طهور لا ينجسه)) رواه أحمد، والترمذي، وأبوداود، والنسائي.

ــ

فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نفص؟ قال: دون العورة. قال أبوداود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع. وسألت الذي فتح باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناءها عما كانت عليه؟ قال: لا. ورأيت فيها ماء متغير اللون انتهى. (يلقى فيها الحيض) بكسر الحاء وفتح الياء، جمع حيضة بكسر الحاء وسكون الياء، وهي الخرقة التي تستعملها المرأة في دم الحيض. (والنتن) بفتح النون وإسكان التاء، وهو الشيء المنتن ويجوز كسر التاء أيضاً. قيل: عادة الناس دائماً في الإسلام والجاهلية تنزيه المياه وصونها عن النجاسات والأقذار، فلا يتوهم أن الصحابة - وهم أطهر الناس وأنزههم - كانوا يفعلون ذلك عمداً مع عزة الماء فيهم، وإنما ذلك من أجل أن هذه البئر كانت في الأرض المنخفضة، وكانت السيول تحمل الأقذار من الطرق وتلقيها فيها. وقيل: كانت الرياح تلقي ذلك. ويجوز أن تكون السيول والرياح تلقيان جميعاً، فعبر عنه القائل بوجه يوهم أن الإلقاء من الناس لقلة تدينهم، وهذا مما لا يجوزه مسلم، فيكف يظن بالذين هم أفضل القرون، وأزكاهم، وأطهرهم. ذكر هذا المعنى الخطابي في المعالم. (ج١:ص٣٧) والطيبي في شرح المشكوة. (إن الماء طهور) أي: طاهر مطهر. قيل: الألف واللام للعهد الخارجي، فتأويله إن الماء الذي تسألون عنه وهو ماء بئر بضاعة، فالجواب مطابقي لا عموم كلي. (لا ينجسه شئ) قال الخطابي: كان ماء بئر بضاعة، لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء، ولا يغيره. فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة، فكان من جوابه لهم أن الماء طهور لا ينجسه شيء، يريد الكثير منه الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته وكثرة جمامه، لأن السؤال إنما وقع عنها بعينها، فخرج الجواب عليها. وهذا لا يخالف حديث القلتين، إذ كان معلوماً أن الماء في بئر بضاعة يبلغ القلتين، فأحد الحديثين يوافق الآخر، ولا يناقضه، والخاص يقضي على العام، ويبينه، لا ينجسه ولا يبطله - انتهى. وإن كان الألف واللام في قوله: "الماء" للنجس فالحديث مخصص أو مقيد بحديث القلتين، وهما مخصصان بحديث: إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه، وهو وإن كان ضعيفاً فقد وقع الإجماع على معناه كما تقدم. وقال الشاه ولي الله في حجة الله (ج١:ص١٤٧) قوله - صلى الله عليه وسلم -: الماء طهور لا ينجسه شيء، معناه المعادن لا تتنجس بملاقاة النجاسة إذا أخرجت ورميت، ولم يتغير أحد أوصافه، ولم تفحش، وهل يمكن أن يظن ببئر بضاعة أنها كانت تستقر فيها النجاسات. كيف وقد جرت عادة بني آدم بالاجتناب عما هذا شأنه فكيف يستقى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ بل كانت تقع فيها النجاسات من غير أن يقصد إلقاءها، كما تشاهد من آبار زماننا، ثم تخرج تلك النجاسات، فلما جاء الإسلام سألوه عن الطهارة الشرعية الزائدة على ما عندهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الماء طهور لا ينجسه شيء يعني لا ينجس نجاسة غير ما عندكم. (رواه أحمد والترمذي) وحسنه. (وأبوداود) وسكت عنه. (والنسائي) وأخرجه أيضاً الشافعي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والطحاوي، وصححه أحمد، ويحيى بن معين، وأبومحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>