للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٣- (٦) وعن أبي هريرة، قال: ((سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو الطهور ماؤه

ــ

حزم، والحاكم، وأعله ابن القطان بجهالة راوية عن أبي سعيد، واختلاف الرواة في اسمه واسم أبيه. وقد رد عليه شيخ النيموى الشيخ عبد الحي اللكنوي في السعاية (ج١:ص٣٦٣) بوجوه، وقد أحسن في الرد وأجاد. وقد أطال شيخنا الكلام في الحديث في أبكار المنن (ص١٣-٢٠) والحافظ في التلخيص (ص٤،٣) فعليك أن تراجع هذه الكتب.

٤٨٣- قوله: (سأل رجل) من بني مدلج، كما في مسند أحمد. قيل: اسمه عبد الله، ذكره الدارقطني، وابن بشكوال، كما في شرح ابن رسلان. وقيل: إسمه عبد، بسكون الباء بلا إضافة. وقال البغوي: بلغني أن إسمه عبدود، هكذا حكاه ابن بشكوال. وقال الطبراني: اسمه عبيد العركي بالتصغير، والعركي بفتح المهملة والراء بعدها كاف هو ملاح السفينة. (إنا نركب البحر) أي: مراكبه من السفن، والمراد به هنا المالح، لأنه المتوهم فيه لملوحته ومرارته ونتن ريحه. وزاد الحاكم نزيد الصيد. وفيه جواز ركوب البحر من غير حج ولا عمرة وجهاد ولا يعارضه ما ورد عند أبي داود: لا تركب البحر إلا حاجاً أو معتمراً أو غازياً، لأنه ضعيف. (ونحمل معنا القليل من الماء) أي: الحلو العذب. وفي رواية إنا ننطلق في البحر، نريد الصيد، فيحمل أحدنا معه الأدواة، وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريباً، فربما وجده كذلك، وربما لم يجد الصيد حتى يبلغ من البحر مكاناً لم يظن أن يبلغه، فلعله يحتلم أو يتوضأ، فإن اغتسل أو توضأ بهذا الماء، فلعل أحدنا يهلكه العطش، فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به، أو نتوضأ به، إذا خفنا ذلك؟ وكأن السائل لما رأى ماء البحر خالف المياه بملوحة طعمه ونتن ريحه توهم أنه غير مراد من قوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم} أي: بالماء المعلوم إرادته من قوله: {فاغسلوا} أو أنه لما عرف من قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} ظن اختصاصه فسأل عنه، فأفاده - صلى الله عليه وسلم - الحكم بقوله: (هو) أي: البحر يعني مكانه. (الطهور) بفتح الطاء أي: الطاهر المطهر. (ماءه) قوله: هو مبتدأ، والطهور مبتدأ ثان، خبره ماءه، والجملة خبر المبتدأ الأول. ويحتمل أن يكون هو مبتدأ، والطهور خبراً، وماءه فاعله، والمعنى: أن ماءه طاهر في ذاته، مطهر لغيره، لا يخرج عن الطهورية بحال إلا ما تقدم من تخصيصه بما إذا تغير أحد أوصافه بوقوع النجاسة، ولم يقل في جوابه نعم، مع حصول الغرض به ليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها. وقيل: لو أجابهم بنعم، لصار مقيداً بحال الضرورة لأنه عليه وقع سؤالهم وليس كذلك. وقيل: لو قال: نعم، لم يستفد منه من حيث اللفظ إلا جواز الوضوء الذي وقع السؤال عنه. وإذا قال: الطهور، الخ. أفاد جواز رفع جميع الأحداث وإزالة الأنجاس به لفظاً. وفي الحديث جواز الطهارة بماء البحر، وبه قال جميع العلماء، إلا ما روى عن ابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص: أنه لا يجزئ التطهر به، وهذا رأيهما إن صح السند إليهما. ولا حجة في أقوال الصحابة لا سيما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>