لم يسلم. قلت: ومع ذلك ليس في رواية أبي نعيم هذه ذكر الوضوء بالنبيذ. وأما حديث عبد الله بن عباس فأخرجه أيضاً أحمد (ج١:ص٣٩٨) والدارقطني (ص٢٨) والطبراني في معجمه والبزار في مسنده، وفيه ابن لهيعة، وقد تفرد به، وهو ضعيف الحديث. وأما حديث أبي وائل ففيه الحسين بن عبيد الله العجلي، قال الدارقطني: يضع الحديث على الثقات - انتهى. ولم يذكر العيني كلام الدارقطني هذا،
فإن كان لا يدري فتلك مصيبة ... ... وإن كان يدري فالمصيبة أعظم
وأما حديث ابن عبد الله، فلم يذكر العيني من خرجه، فلا يدري في أي كتاب هو وكيف هو. وأما حديث أبي عثمان بن سنة الخزاعي، فأخرجه أيضاً ابن جرير، وليس فيه ذكر الوضوء بالنبيذ. وأما حديث أبي عثمان النهدي فلعله هو ما رواه البيهقي عنه أن ابن مسعود أبصر زطافي بعض الطريق، الحديث، أو ما رواه الترمذي في أبواب الأمثال من جامعه. وليس فيهما ذكر الوضوء بالنبيذ. ومن وجوه تضعيف حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ أن أبا زيد هذا كان نباذاً، قال الحافظ في تهذيب التهذيب (ج١:ص١٠٢) قال أبوداود: كان أبوزيد نباذاً بالكوفة. ومنها أن أبا زيد لا يعرف سماعه من ابن مسعود قال البخاري: أبوزيد مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله، وقال ابن المديني: أخاف أن لا يكون أبوزيد سمعه من عبد الله. وقال أبوحاتم: لم يلق أبوزيد عبد الله. ومنها أن الراوي عن أبي زيد أبا فزارة راشد بن كيسان العبسي قال ابن حبان فيه: أنه مستقيم الحديث إذا كان فوقه ودونه ثقة، فأما مثل أبي زيد مولى عمرو بن حريث الذي لا يعرفه أهل العلم فلا. كذا في تهذيب التهذيب (ج٣ص٢٢٧) . ومنها أنه معارض بما هو أقوى منه، وهو ما روى مسلم عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا نص على أن ابن مسعود لم يشهد ليلة الجن، فلم يكن ما روى عنه في الوضوء بالنبيذ في هذه الليلة ثابتاً. قال الطحاوي: إن حديث ابن مسعود روي من طريق لا تقوم بمثلها حجة. وقد قال عبد الله بن مسعود: إني لم أكن ليلة الجن مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وددت أني كنت معه. وسئل أبوعبيدة هل كان أبوك ليلة الجن مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال لا. مع أن فيه انقطاعاً، لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، ولم نعتبر فيه اتصالاً ولا انقطاعاً، ولكنا احتججنا بكلام أبي عبيدة لأن مثله في تقدمه في العلم ومكانه من أمره لا يخفى عليه مثل هذا، فجعلنا قوله حجة فيه. ذكره الزيلعي في نصب الراية (ج١: ص١٤٦) قال بعض الحنفية: إن ليلة الجن كانت غير مرة، فإنكار المعية في مرة من تلك المرات لا يستلزم إنكار معيته في التارة الأخرى. وذكر بعضهم أنه وقع ذهاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجن في مكة ثلاث مرات، لم يحضر ابن مسعود أول مرة منها، وهي التي نفى ابن مسعود حضوره فيها في رواية مسلم، وحضرها في المرتين الأخريين، مرة بالحجون جبل بمكة، ومرة بأعلى مكة قد غاب عليه السلام في الجبال فيها، ووقع في المدينة أيضاً ثلاث مرات، منها واقعة بقيع الغرقد، قد حضرها ابن مسعود، كما رواه أبونعيم في دلائل النبوة. قلت: المشهور عند الصحابة والتابعين من ليلة الجن هي ليلة واحدة فقط ولم يحضرها ابن مسعود وأما بقية المرات التي يقال إنه حضرها هو فلم تثبت. وجمع بعضهم بأن ابن مسعود لم يكن عند المخاطبة وتعليم الأحكام، وإنما كان بعيداً منه. قلت: إنما يحتاج إلى الجمع إذا تساوت طرق الحديث في القوة, وتعارضت. وأما إذا كان أحدها