متفق عليه. وفي رواية مسلم قال:((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب)) .
ــ
بالقرب من دبره، فإذا أراد الكلب أن ينظف نفسه بلسانه كما هي عادته تلوث لسانه وفمه بها، وانتشرت في بقية شعره بواسطة لسانه أو غيره، فإذا ولغ الكلب في إناء، أو شرب ماء، أو قبله إنسان كما يفعل الأفرنج أو بعض من قلد الأفرنج في العادات القبيحة، علقت بعض هذه البويضات بتلك الأشياء، وسهل وصولها إلى فمه أثناء أكله أو شربه فتصل إلى معدته وتخرج منها الأجنة، فشقت جدار المعدة، وتصل إلى أوعية الدم، فتحدث أمراضاً كثيرة في المخ، والقلب، والرئة، إلى غير ذلك. وكل ذلك مشاهد لأطباء أوروبا في بلادهم. ولما كان تمييز الكلب المصاب بهذه الدودة عسيراً جداً لأنه يحتاج إلى زمن وبحث دقيق بالآلة التي لا يعرف استعمالها إلا قليل من الناس كان اعتبار الشارع إياه نجساً، وغسله سبع مرات إنقاء للإناء بحيث لا يعلق فيها شيء ما ذكرنا هو عين الحكمة والصواب، والله أعلم. كذا في حاشية إحكام الأحكام (ج١:ص٢٧) شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً مالك وأحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
قوله (وفي رواية لمسلم) وأخرجها أبوداود والنسائي أيضاً (طهور إناء أحدكم) الأظهر فيه ضم الطاء ويقال بفتحها لغتان بمعنى التطهر أو الطهارة. (إذا ولغ) في القاموس ولغ الكلب في الإناء وفي الشراب يلغ كيهب ويالغ، وولغ كورث ووجل شرب ما فيه بأطراف لسانه، أو أدخل لسانه فيه فحركه، أي: شرب أو لم يشرب. وقال ابن مكي: إن كان ما في الإناء غير مائع يقال: لعقه. وقال المطرزي: فإن كان فارغاً يقال: لحسه. وفي حكم الولوغ ما إذا لعق أو لحس، وإنما ذكر الولوغ للغالب. قال الطيبي: طهور إناء أحدكم مبتدأ، والظرف معمول له، والخبر قوله: أن يغسله سبع مرات. (أولاهن بالتراب) فيه دليل على شرعية التتريب في غسل الإناء. واختلفت الروايات في غسلة التتريب، ففي رواية لمسلم وأبي داود والدارقطني "أولاهن" وفي رواية لأبي داود: السابعة بالتراب، وفي رواية الترمذي والبزار:"أولاهن أو أخراهن" وفي رواية للشافعي: أولاهن أو إحداهن، وفي رواية للدارقطني: إحداهن. وهذا الاختلاف ليس بقادح، لأن هذه الروايات ليست بمتساوية، فإن رواية "أولاهن" أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضاً لأن تتريب الأخيرة يقتض الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه. ووقع في حديث عبد الله بن مغفل عند أحمد، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه: فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب. وظاهره يدل على إيجاب ثمان غسلات، وأن غسلة التتريب غير الغسلات السبع، وأن التتريب خارج عنها. والحديث قد أجمعوا على صحة إسناده، وهي زيادة ثقة فتعين المصير إليها. وقد أهمل البغوي ذكر هذه الرواية، قيل لأنه شافعي وإمامه الشافعي لم يقل بالتثمين، فتركها البغوي لذلك، وكذا صاحب المشكوة محاماة على المذهب، والله أعلم. ونقل عن