رواه مسلم. وبرواية علقمة والأسود، عن عائشة نحوه، وفيه: ثم يصلي فيه.
ــ
بحته. قال وأما الأمر بغسله فلا أصل له. والحديث قد استدل به للشافعي وأحمد وداود واسحق على طهارة المني لأنه لو كان نجساً لم يكف فركه كالدم. وللزم بطلان الصلاة فيما إذا صلى في الثوب الذي فرك منه المني لأن الفرك لا يقلع المني بل يخففه ويقلله فقط. ولما اكتفى فيه بالفرك مع أن الفرك لا يقطعه ولا يزيله بالكلية، وإنما يقلله، علم أنه طاهر. واستدل لهم أيضاً بحديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، ويحته يابساً ثم يصلي فيه، أخرجه أحمد. قال الحافظ بإسناد حسن. وبحديث عائشة: أنها كانت تسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، وتحكه من ثوبه يابساً ثم يصلي فيه. أخرجه ابن خزيمة. ذكره الحافظ في الفتح وسكت عنه. وأجيب عن هذه الأحاديث بأن ذلك لا يدل على الطهارة وإنما يدل على كيفية التطهير، فغاية الأمر أنه نجس خفف في تطهيره بما هو أخف من الماء، والماء لا يتعين لإزالة جميع النجاسات وإلا لزم عدم طهارة العذرة التي في النعل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بمسحها في التراب، ورتب على ذلك الصلاة فيها قاله الشوكاني في النيل (ج١:ص٥٤) . واحتج لهم أيضاً بأن الأصل الطهارة فلا ينتقل عنها إلا بدليل. قال الشوكاني: وأجيب بأن التعبد بالازالة غسلاً، أو مسحاً، أو فركاً أو حتاً أو سلتاً أو حكاً ثابت ولا معنى لكون الشيء نجساً إلا أنه مأمور بإزالته بما أحال عليه الشارع، فالصواب أن المني نجس يجوز تطهيره بأحد الأمور الواردة - انتهى. قلت: الظاهر أن المني نجس يطهره الغسل، أو الفرك، أو الحت، أو الحك، أو السلت، والإزالة بالإذخر عملاً بالأحاديث. وأما الفرق بين الرطب واليابس بوجوب الغسل في الأول والاكتفاء بالفرك في الثاني فليس بصحيح عندي لما تقدم من حديث عائشة عند أحمد وابن خزيمة، فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وابن الجارود، ولم يخرجه البخاري بل اكتفى بالإشارة إليه في ترجمته، فقال"باب غسل المني وفركه" وهذا على عادته بالإشارة إلى الأحاديث التي لا تكون على شرطه في تراجم أبوابه. (وبرواية علقمة) النخعي. (والأسود عن عائشة نحوه) أي: نحو رواية الأسود، وهمام عن عائشة ومعناها، وهو مرفوع على أنه مبتدأ خبره الجار المتقدم، و"عن عائشة" متعلق برواية. (وفيه) أي: وفي مرويهما زيادة قولهما. (ثم يصلي فيه) أي: في ذلك الثوب الذي أفرك منه المني. وفي رواية أخرى لمسلم: فيصلي فيه، ذكر المصنف هذه الزيادة رداً على من قال من أصحاب مالك: إن الثوب الذي اكتفت عائشة فيه بالفرك ثوب النوم، والثوب الذي غسلته هو ثوب الصلاة، والرواية التي ذكرناها صريحة في الرد عليهم فإن التعقيب بالفاء ينفي احتمال تخلل الغسل بين الفرك والصلاة، وإنما احتاج أصحاب مالك إلى تأويله لأن مالكاً وأصحابه لم يقولوا بالفرك وأوجبوا الغسل رطباً ويابساً، وحمل بعضهم الفرك على الدلك بالماء, وهذا أيضاً مردود عليهم بما ورد في الباب من الروايات الصريحة في الاكتفاء بالفرك من غير ماء. هذا وفي المقام مجادلات ومقاولات ومناظرات محلها المطولات من كتب شروح الحديث، وكتب الفروع للمذاهب الأربعة.