٤٩٩- (٧) وعن أم قيس بنت محصن: ((أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في حجره، فبال على ثوبه، فدعاء بماء، فنضحه، ولم يغسله)) .
ــ
٤٩٩- قوله:(وعن أم قيس بنت محصن) بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الصاد بعدها نون، الأسدية أخت عكاشة بن محصن الأسدي، أسلمت بمكة قديماً وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهاجرت إلى المدينة يقال: إن اسمها آمنة. لها أربعة وعشرون حديثاً، اتفقا على حديثين عن أبي الحسن مولى أم قيس عن أم قيس، قالت: توفى ابني فجزعت فقلت للذي يغسله: لا تغسله بالماء البارد فتقتله. فانطلق عكاشة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بقولها، فتبسم ثم قال: طال عمرها فلا نعلم امرأة عمرت ما عمرت. (أنها أتت بابن لها) لم يسم ومات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. (صغير) بالجر صفة لابن. (لم يأكل الطعام) صفة ثانية لابن، والمراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه، والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها، فكان المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال. (في حجره) بفتح الحاء على الأشهر وتكسر وتضم، أي: حضنه. (فبال على ثوبه) أي: ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحمله على ثوب الصبي كما قال بعض المالكية بعيد خلاف الظاهر. (فنضحه) أي: رش الماء على موضع البول من الثوب، ففي رواية الترمذي وابن ماجه وابن حبان "فرشه عليه"وكذا وقع في لفظ لمسلم, والروايات يفسر بعضها بعضاً، ويؤيده ما في الصحاح، والقاموس، والمصباح، والكشاف، والنهاية أن النضح الرش، وقد يذكر النضح، والرش، ويراد بهما الغسل، لكن إذا لم يكن هناك مانع يمنع من إرادة الرش بل يكون دليل يدل على إرادة الغسل كما لايخفى على من له وقوف على موارد استعمالهذين اللفظين، وليس فيما نحن فيه قرينة تدل على أن المراد بالنضح والرش الغسل، بل ههنا دليل صريح يدل على عدم إرادة الغسل، وهو قوله:(ولم يغسله) وفي رواية لمسلم: ولم يزد على أن نضح بالماء، فقوله: لم يغسله، دليل واضح على أنه لم يرد بالنضح الغسل، ورد صريح على من تأول من الحنفية والمالكية القائلين بعدم التفرقة بين بول الصبي الرضيع وبول الجارية النضح بالغسل، فإنه لو كان المراد بالنضح الغسل لكان المعنى فغسله ولم يغسله وهو كما ترى وأما قولهم: بأن المراد بقولها: ولم يغسله، أي: غسلاً مبالغاً فيه فمردود عليهم، فإنه خلاف الظاهر، ولا دليل عليه. قال السندي بعد ذكر تأويلهم هذا: هو تأويل بعيد، ومع بعده مخالف للمذهب أيضاً إذ ما تعرضوا في كتب الفقه للخفة والمبالغة - انتهى. وقال ابن دقيق العيد: هو خلف الظاهر، وببعده ما ورد في الأحاديث الأخر من التفرقة بين بول الصبي والصبية فإنهم لا يفرقون بينهما- انتهى. قلت: أراد بالأحاديث الأخر حديث لبابة، وحديث أبي السمح الآتيين في الفصل الثاني وحديث علي عند أحمد والترمذي وأبي داود، وغيرهم بلفظ: يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام. قال قتادة راوية: هذا ما لم يطعما الطعام، فإذا طعما غسلاً جميعاً. فهذه الأحاديث لا شك أنها تبعد تأويلهم بل تبطله، فإن حمل النضح والرش على الغسل يحيل معنى هذه الأحاديث إلى أنه يغسل بول الجارية، ويغسل بول الغلام وما أظن أن أحداً له مساس بالعلم أو معرفة باللغة يرضي أن يحمل كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا المعنى. وأما ما وقع في