٥٠٤- (١٢) وفي رواية لأبي داود، والنسائي، عن أبي السمح، قال:((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام))
ــ
بول الصبي يكفي فيه النضح بالماء، ولا حاجة فيه للغسل، وأن بول الصبية لا يكفي فيه النضح والرش بل لا بد من غسله، وهو أصح المذاهب في ذلك وأقواها، وذلك قبل أن يأكلا الطعام كما قيده به قتادة راوي حديث علي، وقد ذكرنا لفظه. وعند ابن حبان في صحيحه، وابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن شهاب: مضت السنة أن يرش بول من لم يأكل الطعام من الصبيان. والمراد بالنضح كما قاله النووي في شرح مسلم: هو أن الشيء الذي أصابه البول يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره، بخلاف المكاثرة في غيره، فإنه يشترط أن تكون بحيث يجري عليها بعض الماء ويتقاطر من المحل، وإن لم يشترط عصره، وهذا هو الصحيح المختار، وهو قول إمام الحرمين والمحققين كذا في سبل السلام (ج١:ص٥٤) . (رواه أحمد)(ج٦:ص٣٣٩) . (وأبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. (وابن ماجه) وأخرجه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والطبراني والكجي في سننه والبيهقي والطحاوي.
٥٠٤- قوله:(وفي رواية لأبي داود، والنسائي عن أبي السمح) هو مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخادمه. قيل: اسمه إياد، بكسر الهمزة وتخفيف الياء تحتها نقطتان، وقيل: اسمه كنيته، صحابي، له حديث واحد، قطعه النسائي في موضعين: أي: في باب ذكر الاستتار عند الاغتسال، وفي باب بول الجارية. قال ابن عبد البر يقال: إنه ضل فلا يدري أين مات قال ميرك: قوله: والنسائي بالرفع، عطف على ابن ماجه. قال القاري: وفي سائر النسخ المصححة بالجر وهو الظاهر، لكن إنما يصح الجر لو كان للنسائي روايتان كما لا يخفى، فحينئذٍ لو كانت الرواية الأخرى له كأحمد وغيره من المذكورين فكان للمصنف أن يذكره معهم أولاً أيضاً كما ذكر أباداود مرتين، وإن كان النسائي ليس له إلا رواية واحدة كالرواية الثانية لأبي داود فيتعين الرفع، لكن لا بالعطف على ابن ماجه لوجود الفصل بالأجنبي، بل على أنه مبتدأ خبره كذلك، كما قيل في قوله تعالى:{إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون}[٦٩:٥] بالرفع والله أعلم - انتهى. قلت: عبارة المصنف بظاهرها توهم أن للنسائي روايتين كأبي داود، إحداهما عن لبابة، والأخرى عن أبي السمح، والأمر ليس كذلك، فإن حديث لبابة لم يروه النسائي، فالأحسن أن يقول: وروى أبوداود أيضاً والنسائي عن أبي السمح، الخ. والحديث أخرجه أيضاً البزار وابن ماجه وابن خزيمة والبغوي والحاكم وصححه، وسكت عنه أبوداود والمنذري، وقال البخاري: حديث حسن، ولفظه عند أبي داود: قال كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني قفاك فأوليه قفاي بأستره به فأتى بحسن أو حسين رضي الله عنهما فبال على صدره يعني موضعه من الثياب فجئت أغسله، فقال:(يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام) أي: الرضيع. ففي حديث علي عند أحمد والترمذي وابن ماجه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بول الرضيع: ينضح بول الغلام