للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٥- (١٣) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهور)) .

ــ

الحديث. فهذا تقييد للفظ اللام بكونه رضيعاً، وهكذا يكون تقييداً للفظ الصبي والصغير والذكر الواردة في بقية الأحاديث. وحديث أبي السمح يبين أن المراد بالنضح في حديث لبابة هو الرش. ويرد كغيره من أحاديث الباب على من لم يفرق بين بول الرضيع وبول الجارية إتباعاً للقياس على بول الشيخ. وفي صنيعهم هذا تقديم للقياس على النص ورد للسنن الصحيحة الصريحة. قال ابن القيم: والفرق بين الصبي والصبية من ثلاثة أوجه: أحدها: كثرة حمل الرجال والنساء للذكر فتعم البلوى ببوله فيشق عليه غسله. والثاني: أن بوله لا ينزل في مكان واحد بل ينزل متفرقاً ههنا وههنا، فيشق غسل ما أصابه كله بخلاف بول الأنثى. الثالث: أن بول الأنثى أخبث وأنتن من بول الذكر، وسببه حرارة الذكر، ورطوبة الأنثى، فالحرارة تخفف من نتن البول، وتذيب منها ما يحصل مع الرطوبة، وهذه المعاني مؤثرة يحسن اعتبارها في الفرق - انتهى. وذكر الشافعي في الفرق وجها آخر كما رواه ابن ماجه في سننه، والحق فيه وفي مثله التعبد والإتباع، والسؤال عن الحكم خارج عن ذلك، فالواجب على الفقيه أن يتبع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث وجده، ولا يضرب له الأمثال.

٥٠٥- قوله: (إذا وطئ) بكسر الطاء أي: مسح وداس. (أحدكم بنعله) وفي معناه الخف. (الأذى) أي: النجاسة رطبة كانت أو يابسة، متجسدة أو غير متجسدة. (فإن التراب) أي: بعد المكان الموطؤ. (له) أي: لنعل أحدكم. (طهور) وفي رواية: إذا وطئ الأذى بخفيه فطورهما التراب. والحديث يدل بإطلاقه على أنه إذا أصابت النجاسة النعل فطهارته بالمسح والدلك، سواء كانت ذات جرم كالعذرة أو غير ذات جرم كالبول، وسواء كانت رطبة أو جافة، ويؤيده ما رواه أبوداود وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه - الحديث. وفيه: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأي في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما. وأعلم أن الحديثين قد خالف ظاهرهما أبوحنيفة، فإن مذهبه أن النعل لا يطهر بالمسح إلا بالغسل، ولأجل هذين الحديثين وما في معناهما ترك الحنفية مذهبه في هذا الباب، واختاروا مذهب أبي يوسف، ومذهبه أن النعل يطهر بالدلك إذا أصابته نجاسة لها جرم، رطبة كانت أو جافة أما إذا لم تكن لها جرم فلا يطهر إلا بالغسل. والفتوى عند الحنفية على قول أبي يوسف، ففي البحر الرائق (ج١:ص٢٢٣) : وعلى قوله: أكثر المشائخ. وفي النهائية والعناية والخلاصة: وعليه الفتوى. وفي فتح القدير: وهو المختار لعموم البلوى، ولإطلاق الحديث - انتهى. وفي فتاوى قاضي خان: وعليه الفتوى لعموم البلوى. قال شيخنا في أبكار المنن (ص٤٦) هذان الحديثان بإطلاقهما حجتان على أبي يوسف أيضاً أي: كما أنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>