٥١٥- (٢٣) وعن عبد الله بن مسعود، قال:((كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نتوضأ من الموطئ)) ، رواه الترمذي.
ــ
والمجهول لا تقوم به الحجة في الحديث - انتهى. قلت: المرأة من بني عبد الأشهل هذه صحابية، ذكرها ابن الأثير الجزري في أسد الغابة، وصرح الحافظ في التقريب وتهذيب التهذيب بكونها صحابية كما تقدم، بل كونها صحابية ظاهر من نفس الحديث، ألا ترى أنها شافهت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسألته بلا واسطة، وقالت: قلت يا رسول الله إن لنا، الخ. وقد تقرر أن جهالة اسم الصحابي ونسبه لا تقدح في كونه صحابياً، ولا تؤثر في صحة الحديث، فالحديث صحيح، وكلام الخطابي ومن تبعه مردود عليه. والحديث أخرجه ابن ماجه أيضاً.
٥١٥- قوله:(ولا نتوضأ من الموطئ) بفتح الميم وإسكان الواو وكسر الطاء المهملة والهمزة، وقيل: الموطأ بفتح الميم وسكون الواو وفتح الطاء وبالهمزة. قيل: كسر الطاء هو الأصل، والفتح شاذ، وقيل: بل الفتح هو القياس، وهو أعلى وأرجح من الكسر. وارجع للبسط إلى تعليق الترمذي للشيخ أحمد شاكر. قال ابن العربي في شرح الترمذي (ج١:ص٢٣٧) : الموطئ مفعل بكسر العين من وطئ، وهو اسم للموضع، فيكون معناه الوضوء من وطئ الموضع القذر، ويكون بفتحها، والمعنى واحد، وفيه كلام كثير- انتهى. وقال الخطابي في المعالم: الموطئ ما يوطئ في الطريق من الأذى، وأصله الموطؤ. قال العراقي: يحتمل أن يحمل الوضوء على الوضوء اللغوي وهو التنظيف، فيكون المعنى أنهم كانوا لا يغسلون أرجلهم من الطين ونحوها، ويمشون عليه بناء على أن الأصل فيه الطهارة - انتهى. وحمله البيهقي على النجاسة اليابسة، وأنهم كانوا لا يغسلون الأقدام إذا وطئوا على نجاسة يابسة، وإنما كانوا يغسلونها إذا كانت النجاسة رطبة، وهو الذي فهمه الترمذي، وحمل عليه الحديث. وقد نقل ذلك عن غير واحد من أهل العلم. قلت: معنى حديث ابن مسعود هذا قريب من معنى حديث المرأة الأشهلية وحديث أم سلمة، فالظاهر أن يترك حديث ابن مسعود على إطلاقه، ولا يخصص بالنجاسة اليابسة لعدم وجود دليل على هذا التخصيص، فالقدم التي أصابتها الرطبة كالخف والنعل والذيل تطهر إذا مرت على الأرض اليابسة الطاهرة، وزالت النجاسة المتعلقة بالقدم بالتناثر والدلك والمسح، والله أعلم. (رواه الترمذي) فيه نظر ظاهر لأنه لم يروه الترمذي في جامعه، بل ذكره بقوله: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نصلى، الخ. والحديث إنما أخرجه أبوداود، وسكت عنه هو والمنذري، وأخرجه ابن ماجه في الصلاة، والحاكم وصححه، والطبراني في الكبير. قال: الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١:ص٢٨٥) : رجاله ثقات، واللفظ الذي ذكره الترمذي موافق لرواية الحاكم (ج١:ص١٣٩) والطبراني، ولفظ أبي داود: قال عبد الله: كنا لا نتوضأ من موطئ ولا نكف شعراً ولا ثوباً. ولفظ ابن ماجه: قال عبد الله: أمرنا أن لا نكف شعراً ولا ثوباً ولا نتوضأ من موطئ. وكان على المصنف أن يعزو الحديث إلى الثلاثة أو إلى أبي داود على الأقل.