للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٦- (٢٤) وعن ابن عمر قال: ((كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك)) . رواه البخاري.

ــ

٥١٦- قوله: (كانت الكلاب تقبل وتدبر) من الإقبال والإدبار جملة في محل النصب على الخبرية على أن "كانت" ناقصة، وعلى الحال على أنها تامة بمعنى وجدت. وفي رواية أبي داود والإسماعيلي وأبي نعيم والبيهقي: كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر، بزيادة "تبول" قبل "تقبل وتدبر" والظاهر أن هذه الزيادة محفوظة. (في المسجد) الألف واللام للعهد أي: في مسجد النبي. قال الخطابي: كان إقبالها وإدبارها في أوقات نادرة، ولم يكن على المسجد أبواب تمنع من عبورها فيه. قلت: ويمكن ذلك مع وجود الغلق والأبواب أيضاً كما في زماننا. (فلم يكونوا يرشون) في نفى الرش مبالغة ليست في نفى الغسل والصب، لأن الرش ليس جريان الماء بخلاف الغسل، فإنه يشترط فيه الجريان والسيلان، فنفى الرش أبلغ من نفى الغسل والصب. (شيئاً) عام لأنه نكرة وقعت في سياق النفي، وهو أيضاً يفيد المبالغة في عدم النضح بالماء أي: شيئاً من الماء. (من ذلك) أي: من أجل البول والإقبال والإدبار. والحديث فيه دليل على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة فجفت بالشمس أو الهواء فذهب أثر النجاسة تطهر، إذ عدم الرش يدل على عدم الصب والغسل بالأولى، فلولا أن الجفاف يفيد تطهير الأرض ما تركوا ذلك. والحديث مشكل جداً على الشافعية، حيث لم يقولوا: بكون الجفاف مطهراً للأرض، فقال: بعضهم لفظ "تبول" ليس بمحفوظة في الحديث، يدل على كونه غير محفوظ في ترك البخاري هذا اللفظ في روايته. قلت: روى هذا الحديث عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثنا سكن بن نافع الباهلي أبوالحسين: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: كنت أعزب شاباً، أبيت في المسجد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك. وهذا كما ترى ليس فيه لفظ "تبول" والطريق غير طريق البخاري، فالظاهر أن ترك لفظ "تبول" والاقتصار على تقبل وتدبر من ابن عمر، أو من غيره من الرواة، لا من البخاري، فكان ابن عمر أو غيره يذكر لفظة "تبول" مرة ويتركها أخرى، وكيف ما كان الأمر، فالظاهر أن هذه اللفظة محفوظة. وتأوله ابن المنذر فقال: كانت الكلاب تبول خارج المسجد في مواطنها ثم تقبل وتدبر في المسجد، وكذا قال الخطابي. قلت: هذا خلاف الظاهر، لا يتكلف له إلا المتعصب لرأي إمامه، وهلا قال: كانت الكلاب تبول خارج المسجد وتستنجي هناك ثم تدخل المسجد؟ ومن أكبر موانع هذا التأويل أن قوله في المسجد. ليس ظرفاً لقوله: "وتقبل وتدبر" وحده وإنما هو ظرف لقوله: تبول وما بعده كلها، وتقدم شيء من الكلام فيه في شرح حديث صب الماء على بول الأعرابي فتذكر. (رواه البخاري) الحديث أورده البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم، فقال: قال أحمد بن شبيب عن أبيه، الخ. قال أبونعيم: رواه البخاري بلا سماع. وقال العيني: ذكره البخاري معلقاً, وأورده الحافظ في المقدمة في سياق تعاليقه المرفوعة، فقال: حديث أحمد بن شبيب عن أبيه وصله

<<  <  ج: ص:  >  >>