٥٣١- (٤) وعن أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة، قال:((مررت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى قام إلى جدار، فحته بعصاً كانت معه، ثم وضع يديه على الجدار،
ــ
تضعيفه، وأخرى ينسبون إلى الصحابي فهم خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحو ذلك من الوجوه الباطلة التي هي تحريفات معنوية للحديث الصحيح. وعندنا لا تخالف بين هذه الروايات، فقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه لعمار كيفية التيمم بين الإشارة والقول والفعل، مبالغة في الإعلام، كما أقربه القاري، والشيخ اللكنوي. فالظاهر أنه أشار - صلى الله عليه وسلم - أولاً، ثم فسر إشارته بفعله، وعلم مع ذلك بالقول أيضاً. وأما رواية البخاري هذه فالأظهر أن الراوي اكتفى فيها بذكر التعليم بالإشارة والفعل دون القول فلا دلالة فيها على أن الرواية الأخرى التي فيها ذكر القول رواية بالمعنى، فإنها تحمل على أن الراوي اقتصر مرة على ذكر الإشارة والفعل، وأخرى على ذكر القول، ولا بعد فيه عند من له خبرة وإطلاع على الأحاديث. وأما من أعمى الله قلبه وبصيرته فهو معذور. هذا، وقد أجاب القائلون بمسح اليدين إلى المرفقين، وتعدد الضربة عن حديث عمار هذا بوجوه أخرى كلها واهية، قد ردها وأبطلها شيخنا في شرح الترمذي (ج١:ص ١٣٤، ١٣٥) فارجع إليه لتقف على ما تعللوا به لرد هذا الحديث الصحيح من الأعذار الباردة، وتعتبر. وقد استدل هؤلاء على ما ذهبوا إليه بأحاديث لا تصلح للاحتجاج لما لا يخلوا واحد منها من المقال، كما تقدم إليه الإشارة في كلام الحافظ. واحتجوا أيضاً بآثار الصحابة، وأنت تعلم أن الأثر لا يقاوم الحديث المرفوع. وقد ذكر شيخنا في شرح الترمذي وفي أبكار المنن (ص٦٣-٦٥) أحاديث الضربتين، وبين ما فيها من الكلام، فعليك أن تراجعهما.
٥٣١- قوله:(وعن أبي الجهيم) بضم الجيم وفتح الهاء وسكون الياء. (بن الحارث بن الصمة) بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم، ابن عمرو الأنصاري الخزرجي ابن أخت أبي بن كعب، صحابي معروف، بقى إلى خلافة معاوية. واختلف في اسمه، فقيل: هو عبد الله بن الحارث بن الصمة. وقيل: هو عبد الله بن الجهيم بن الحارث بن الصمة، نسب إلى جده. وقيل: إنه الحارث بن الصمة. ولفظ "ابن" بين أبي الجهيم والحارث غلط. وقيل: الحارث بن الصمة رجل آخر غير أبي الجهيم. ولأبي الجهيم حديثان في الصحيحين، أحدهما في التيمم على الجدار، والثاني في المار بين يدي المصلي. وسيأتي في باب السترة. وقال ابن الأثير، وابن عبد البر: راوي حديث التيمم غير راوي حديث المرور، فالأول هو أبوالجهيم بن الحارث بن الصمة، والثاني أبوالجهيم عبد الله بن الجهيم الأنصاري، وجعلهما ابن مندة وأبو نعيم والحافظ واحداً. وأبوالجهيم راوي حديث التيمم وحديث المرور غير أبي الجهم صاحب الأنبجانية المذكور في حديث عائشة الآتي في باب الستر، واسمه عامر بن حذيفة. (فحته) بالتاء الفوقية أي: خدشه حتى يحصل منه التراب. وفيه دليل على أنه لا بد في التيمم من التراب. وقيل: حته لتحصيل التراب قصداً إلى الأفضل، وهو محمول على أنه كان جداراً مباحاً أو مملوكاً لإنسان يعرف رضاه. (ثم وضع يديه على الجدار)