فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير)) . رواه أحمد، والترمذي، وأبوداود. وروى النسائي نحوه إلى قوله: عشر سنين.
ــ
والمبالغة لا المدة المقدرة أي: التحديد، والمعنى: أن له أن يفعل التيمم مرة بعد أخرى وإن بلغت مدة عدم الماء واتصلت إلى عشر سنين، وليس في معنى: أن التيمم دفعة واحدة يكفيه لعشر سنين، قاله الخطابي. وفيه دلالة على أن خروج الوقت غير ناقص للتيمم بل حكمه حكم الوضوء، وما صح عن ابن عمر: أنه تيمم لكل صلاة وإن لم يحدث. محمول على الاستحباب. وفيه دليل على جواز التيمم لرفع الجنابة عند عدم الماء لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل الصعيد طهور للمسلم، كما في رواية الترمذي وغيره، وهو بعمومه يشمل الطهور من الحدثين الأصغر والأكبر معاً لإطلاقه وعدم تقييده بأحدهما قلت: ويؤيده أيضاً سبب ورود الحديث كما في رواية أحمد وأبي داود، وحاصله: أنه قال: أبو ذر: اجتويت المدينة، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإبل، فكنت فيها، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: هلك أبوذر، قال: ما حالك؟ قلت: أتعرض للجنابة وليس قربي ماء. قال: الصعيد طهور، الخ. (فإذا وجد الماء) أي: كافياً لغسله، أو وضوئه. (فليمسه) بضم الياء وكسر الميم من الإمساس. (بشرته) بفتحتين، ظاهر الجلد، أي: فليوصل الماء إلى بشرته وجلده، يعني فليتوضأ، أو يغتسل. (فإن ذلك) أي: الإمساس. (خير) أي: من الخيور، وليس معناه أن كليهما جائز عند وجود الماء، لكن الوضوء أو الغسل خير، بل المراد أن الوضوء أو الغسل فرض عند وجود الماء، والخيرية لا ينافي الفرضية، ونظيره قوله تعالى:{أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً}[٢٤:٢٥] ووقع في رواية لأحمد (ج٥:ص١٤٦) : فإذا وجدت الماء فأمس بشرتك. وفي رواية لأبي داود: فأمس جلدك. وهذا أمر وهو للوجوب. واستدل بقوله: فإذا وجد الماء فليمس بشرته. على وجوب الإعادة على من وجد الماء قبل الفراغ من الصلاة. قال الشوكاني: وهو استدلال صحيح، لأن هذا الحديث مطلق فيمن وجده بعد الوقت، ومن وجده قبل خروجه، وحال الصلاة، وبعدها. وحديث أبي سعيد الآتي مقيد بمن وجد الماء في الوقت بعد الفراغ من الصلاة، فتخرج هذه الصورة بحديث أبي سعيد وتبقى صورة وجود الماء قبل الدخول في الصلاة بعد فعل التيمم، وبعد الدخول في الصلاة قبل الفراغ منها، داخلتين تحت إطلاق الحديث. (رواه أحمد)(ج٥: ص١٨، ١٤٦،١٥٥) . (والترمذي) وقال: هذا حديث حسن صحيح. (وأبوداود) وسكت عنه، ونقل المنذري تصحيح الترمذي، وأقره، وأخرجه أيضاً الحاكم (ج١:ص١٨٦،١٨٧) والبيهقي (ج١:ص٢١٢،٢٢٠) والدارقطني (ص٦٨) وابن حبان في صحيحه، والأثرم، وصححه أيضاً أبوحاتم والحاكم ووافقه الذهبي على تصحيحه في تلخيصه. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه البزار، وصححه ابن القطان، لكن قال الدارقطني في العلل: إرساله أصح. وعن عمران بن حصين، وهو الحديث الثاني من الفصل الأول.