للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٣- (٦) وعن جابر، قال: ((خرجنا في السفر، فأصاب رجلاً منا حجر، فشجه في رأسه، فاحتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات. فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك. قال: قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا! فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده)) .

ــ

٥٣٣- قوله: (خرجنا في سفر) قيل: "في" تعليلية أي: خرجنا لإرادة سفر، وقيل: الجار والمجرور في محل نصب على أنه حال، أي: خرجنا مسافرين. (فشجه في رأسه) الشج كسر الرأس خاصة وجرحه، وقد يستعمل في غيره، وضمير المفعول للرجل، وذكر الرأس لزيادة التأكيد، فإن الشج هو كسر الرأس، ففيه تجريد والمعنى: فجرحه في رأسه. (وأنت تقدر على الماء) الجملة حال، حملوا الوجدان على حقيقته، ولم يعلموا أن الوجدان عند الضرورة في حكم الفقدان. (أخبر) بالبناء للمجهول. (قتلوه) أسند القتل إليهم لأنهم تسببوا له بتكليفهم له باستعمال الماء مع وجود الجرح في رأسه ليكون أدل على الإنكار عليهم. (قتلهم الله) أي: لعنهم، إنما قاله زجراً وتهديداً. وفيه أن صاحب الخطأ الواضح غير معذور، لأنه عابهم بالفتوى بغير علم، وألحق بهم الوعيد بأن دعا عليهم، وجعلهم في الإثم قتلة له. (ألا سألوا) بفتح الهمزة وتشديد اللام حرف تحضيض دخل على الماضي فأفاد التنديم. (فإنما شفاء العي) بكسر العين وتشديد الياء هو التحير في الكلام، وعدم الضبط، كذا في الصحاح. وفي النهاية ولسان العرب: العي بكسر العين الجهل، والمعنى: أن الجهل داء شفاءه السؤال والتعلم. (إنما كان يكفيه) أي: الرجل المحتلم. (أن يتيمم) أولاً. (ويعصب) بتشديد الصاد المكسورة، أي: يشد. (على جرحه) بضم الجيم. (خرقة) بكسر الخاء، أي: حتى لا يصل الماء إلى الجرح. (ثم يمسح عليها) أي: على الخرقة بالماء. والحديث دليل على جواز العدول إلى التيمم لخشية الضرر وعلى وجوب المسح على الجبائر، ومثله حديث على رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أمسح على الجبائر. أخرجه ابن ماجه، وهو ضعيف اتفق الحفاظ على ضعفه، وصح عن ابن عمر: أنه مسح على الجبيرة، ويؤيد وجوب المسح أيضاً ما قيل من أنه عضو تعذر غسله بالماء، فمسح ما فوقه كشعر الرأس، وقياسا على مسح أعلى الخفين, وعلى العمامة، وهذا القياس يقوي النص. ثم في حديث جابر هذا دليل على أنه يجمع بين التيمم والمسح على الجبيرة، وغسل سائر الجسد بالماء، وهو الجمع بين التيمم والغسل، ولم ير أحد الأمرين كافياً دون الآخر. وفيه مخالفة القياس، وهو الجمع بين البدل والمبدل منه. فقيل: الحديث ضعيف لأن في سنده زبير بن خريق، وهو لين الحديث، وقد برواية الجمع بين التيمم والغسل، وهو مع كونه غير قوي في الحديث، قد خالف الأوزاعي كما سيأتي، فرواية الجمع بين

<<  <  ج: ص:  >  >>