٥٣٥- (٨) وعن أبي سعيد الخدري، قال:((خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيداً طيباً، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة بوضوء، ولم يعد الآخر. ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك. فقال للذي لم يعد: أصبت السنة، أجزأتك صلاتك)) . وقال: للذي توضأ وأعاد:
ــ
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ: والوليد بن عبيد الله ضعفه الدارقطني، وقواه من صحح حديثه هذا، وله شاهد ضعيف جداً من رواية عطية عن أبي سعيد الخدري رواه الدارقطني ولم يقع في رواية ابن أخي عطاء أيضاً ذكر المسح على الجبيرة، فهو من إفراد الزبير بن خريق - انتهى. وعطاء بن أبي رباح - بفتح الراء والموحدة- واسم أبي رباح أسلم، القرشي مولاهم، أبومحمد المكي، ثقة، فقيه، فاضل، لكنه كثير الإرسال. قال ابن سعد: كان من مولدي الجند، ونشأ بمكة، وهو مولى لبنى فهر أو الجمح، وانتهت إليه فتوى أهل مكة وإلى مجاهد في زمانهما. وأكثر ذلك إلى عطاء، سمعت بعض أهل العلم يقول: كان عطاء أسود، أعور، أفطس، أشل، أعرج، ثم عمى بعد، وكان ثقة فقيهاً، عالماً، كثير الحديث. وذكر أبوداود العيوب المذكورة، وزاد: وقطعت يده مع ابن الزبير، وروى عن ابن عباس أنه قال: تجتمعون إلي يا أهل مكة! وعندكم عطاء. وكذا روى عن ابن عمر. وقال أبوحنيفة: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء. وقال الأوزاعي: مات عطاء يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس. مات سنة (١١٥) وقيل (١١٤) وله ثمان وثمانون سنة، وفضائله كثيرة، بسط ترجمته الحافظ في تهذيب التهذيب (ج٧:ص١٩٩-٢٠٣) وقال الذهبي في التذكرة (ج١:ص٨٦) : مناقب عطاء في العلم والزهد والتأله كثيرة. مات على الأصح في رمضان سنة (١١٤) وقيل (١١٥) بمكة.
٥٣٥- قوله:(فحضرت الصلاة) أي: حان وقتها. (فتيمما صعيداً) أي: قصداه على الوجه المخصوص، فالمراد به المعنى اللغوي، أو فتيمما بالصعيد، على نزع الخافض، وأريد به المعنى الشرعي. (ثم وجدا الماء في الوقت) أي: في وقت الصلاة التي صلياها، وفيه رد على من تأول الحديث بأنهما وجدا الماء بعد الوقت. (فأعاد أحدهما الصلاة بوضوء) إما ظناً بأن الأولى باطلة، أو احتياطاً. (ولم يعد الآخر) على ظن أن تلك الصلاة صحيحة. (فذكرا ذلك) أي: ما وقع لهما. (أصبت السنة) أي: الطريقة الشرعية الثابتة بالسنة، يعني وافقت الحكم المشروع، وهذا تصويب لاجتهاد وتخطئة لاجتهاد الآخر. (وأجزأتك صلاتك) أي: كفتك عن القضاء. والإجزاء عبارة عن كون الفعل مسقطاً للإعادة. قال القاري: وهو تفسير لما سبق، أي: لأنها وقعت في وقتها. والماء مفقود، فالواجب التراب. (وأعاد) أي: الصلاة في الوقت.