فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أنه لم يجد عليهما)) . رواه مسلم.
٥٤٨- (٢) وعن عائشة، قالت:((كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، وكلانا جنب، وكان يأمرني، فأتزر، فيباشرني وأنا حائض. وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله، وأنا حائض)) . متفق عليه.
ــ
لكي تحصل المخالفة التامة معهم. (فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لأن تحصيل المخالفة بارتكاب المعصية لا يجوز. (قد وجد) أي: غضب. (فخرجا) خوفاً من الزيادة في الغضب. (فاستقبلتهما هدية) أي: استقبل الرجلين شخص معه هدية يهديها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإسناد مجازى. (من لبن) من بيانية. (إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: واصلة، أو واصل إليه. (فأرسل في آثارهما) أي: عقبهما رسولاً فناداهما فجاءاه. (فسقاهما) أي: من اللبن تلطفا بهما وإظهارا للرضا. (لم يجد) أي: لم يغضب. (عليهما) لأنهما كانا معذورين لحسن نيتهما فيما تكلما به، أو ما استمر الغضب بل زال، أو ذهب. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي في التفسير وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
٥٤٨- قوله:(والنبي) بالرفع على العطف للفصل ويجوز النصب على أنه مفعول معه. (وكلانا) الواو للحال (وكان يأمرني) بالاتزار. (فأتزر) بتشديد يد التاء المثناه بعد الهمزة، وأصله أأتزر بهمزة ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ثم المثناه بوزن افتعل، وإدغام الهمزة في التاء مذهب الكوفيين، حكاه الصغاني في مجمع البحرين. وقول عائشة وهي من فصحاء العرب حجة على الجواز. وقال ابن مالك: إنه مقصور على السماع كالكل، ومنه قراءة ابن محيصن: فليؤد الذي اتمن، بهمزة وصل وتاء مشددة مضمومة من الأمانة. والمراد بالاتزار أن تشد إزارها على وسطها، وحدد ذلك الفقهاء بما بين السرة والركبة عملا بالعرف الغالب. (فيباشرني) أي: يلصق بشرته ببشرته فيما دون الإزار. وقال الطيبي: يعني أنه كان يستمتع مني بعد أن يأمرني بشد الإزار، فيمس بشرته ببشرتي. (وأنا حائض) والحديث قد استدل به على عدم جواز المباشرة فيما بين السرة والركبة، وفيه ما قال ابن دقيق العيد، من أنه ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار، لأنه فعل مجرد- انتهى. (وكان يخرج رأسه إلى وهو معتكف) في المسجد بأن كان باب الحجرة مفتوحاً إلى المسجد، فيخرج رأسه منه إلى الحجرة، وهي فيها. وهذا يدل على أن المعتكف إذا أخرج بعض أعضاءه من المسجد لم يبطل اعتكافه. (فأغسله) أي: رأسه. (وأنا حائض) في الحديث دلالة على طهارة بدن الحائض وعرقها، وأن المباشرة الممنوعة للمعتكف هي الجماع ومقدماته، وأن الحائض لا تدخل المسجد، وفيه استخدام الزوجة. (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب مباشرة الحائض من كتاب الحيض. والحديث أخرجه أيضاً الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه.