للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه الترمذي، وأبوداود، والنسائي، والدارمي، وابن ماجه.

ــ

(رواه الترمذي وأبوداود) كلاهما من طريق شريك بن عبد الله، عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس. ورواه أيضاً من هذا الطريق أحمد والبيهقي. (والنسائي) فيه نظر، لأن النسائي لم يرو هذه الرواية. (والدارمي) من طريق شريك عن خصيف عن مقسم. ورواه أيضاً من طريق الثوري عن خصيف نحو رواية شريك. (وابن ماجه) من طريق أبي الأحوص، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس. قال المنذرى: هذا الحديث يعني حديث ابن عباس في كفارة إتيان الحائض قد وقع الاضطراب في سنده ومتنه، فروى مرفوعاً موقوفاً ومرسلاً ومعضلاً. وقال عبد الرحمن بن مهدي: قيل لشعبة: إنك كنت ترفعه، قال: إني كنت مجنوناً، فصححت-انتهى. وقال الحافظ في التلخيص: والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير. قلت: لاشك في أن في إسناد هذا الحديث ومتنه اختلافاً كثيراً لكن قد تقرر في موضعه أن مجرد الاختلاف لا يؤثر في صحة الحديث بل يشترط له استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجحت رواية من الروايات المختلفة من حيث الصحة قدمت، ولا تعل الرواية الراجحة بالمرجوحة، وههنا رواية عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس بلفظ: فليتصدق بدينار أو بنصف دينار صحيحة راجحة، كما تقدم النقل في تصحيحها عن الحاكم، والذهبي وابن القطان وابن دقيق العيد، وأحمد بن حنبل، وأما باقي الروايات فضعيفة مرجوحة لا توازي رواية عبد الحميد فلا تعل رواية عبد الحميد هذه بالروايات المرجوحة. والعجب من المصنف أنه أورد هذا الباب رواية خصيف عن مقسم عن ابن عباس بلفظ: يتصدق بنصف دينار، وهي رواية ضعيفة مرجوحة، ولم يورد رواية عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس بلفظ: يتصدق بدينار أونصف دينار، وهي أرجح الروايات وأصحها. قال الحافظ في التلخيص: قد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث، والجواب عن طريق الطعن فيه بما يراجع منه، وأقر ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقواه في الإمام وهو الصواب، فكم من حديث قد احتجوا به، وفيه من الاختلاف أكثر مما في هذا الحديث كحديث بئر بضاعة، وحديث القلتين، ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في شرح المهذب، والتنقيح، والخلاصة، أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم، وتبع في بعض ذلك ابن الصلاح-انتهى كلام الحافظ. وأما قول عبد الرحمن بن مهدي: قيل لشعبة: إنك كنت ترفعه؟ قال: "إني كنت مجنوناً فصححت" ففيه أنه اختلف النقل فيه عن شعبة، فروى هذا الحديث الدارمي، عن أبي الوليد، عن شعبة موقوفاً، وعن سعيد بن عامر عن شعبة موقوفاً أيضاً. وقال: قال شعبة: أما حفظي فهو مرفوع، وأما فلان وفلان، فقالا غير مرفوع. قال بعض القوم: حدثنا بحفظك ودع ماقال فلان وفلان، فقال: والله ما أحب أني عمرت في الدنيا عمر نوح وإني حدثت بهذا أو سكت عن هذا. فهذه الرواية عن شعبة ترشد إلى أنه كان على وثوق من حفظه، ويقين برفعة، ثم إنه تردد واضطرب حين رأى غيره يخالفه، فيرويه موقوفاً، ثم جعل هو يرويه موقوفاً أيضا، وهذا كما ترى لا يؤثر في يقينه الأول برفعة. وقد تابعه في رفعه غيره، فرواه البيهقي عن إبراهيم بن طهمان عن مطر الوراق عن الحكم عن المقسم عن ابن عباس مرفوعاً. قال المنذري: وأما الاضطراب في متنه فروى"بدينار أو نصف دينار"على الشك. وروى: يتصدق بدينار، فإن لم يجد فنصف دينار. وروى "إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>