للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلي)) . متفق عليه.

ــ

واحتج من ذهب إلى كونها معتادة بروايتي البخاري المتقدمتين، وبما رواه أبوداود وغيره من طريق المنذر عن عروة عن فاطمة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث. وفيه: فانظري إذا أتاك قرءك فلا تصلي وإذا مر قرءك فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء. والأصل في القرء الوقت المعلوم، ولذلك أطلق على الضدين الحيض والطهر، لأن لكل منهما وقتا. وبما رواه أبوداود أيضاً والدارقطني عن عروة، عن أسماء بنت عميس أن فاطمة أمرتها أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل. قال المنذري: حديث حسن. وبحديث أم سلمة الآتي, فإن المرأة التي استفتت لها أم سلمة هي فاطمة بنت أبي حبيش كما ستقف عليه. والظاهر عندي أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت معتادة متميزة. وكان الدم الأسود في زمن عادتها، أي: اتفقت العادة والتمييز، فردها إلى العادة مرة، وإلى التمييز أخرى، لأنه لم يكن بينهما تخالف ويحتمل كما قال البيهقي: أن كانت لها حالان في مدة استحاضتها حالة تميز بين الدمين، فأمرها بالجوع إلى العادة- انتهى (فاغسلي عنك الدم) أي: واغتسلي. ففي رواية للبخاري: ثم اغتسلي، وصلي. لكن ليس فيها ذكر غسل الدم. وهذا الاختلاف من الرواة، اقتصر بعض الرواة على أحد الأمرين والآخر لوضوحه عنده (ثم صلي) أي: بعد الاغتسال. زاد البخاري في هذه الرواية: ثم توضئ لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت. والحديث فيه دليل على أن المستحاضة إذا أقبلت حيضتها بالعادة أو بالصفة تعمل على إقبالها، فتترك الصلاة، فإذا انقضى قدرها أي: قدر أيام العادة، أو قدر الحيضة على ما تراه المرأة باجتهادها بحسب قوة الدم ولونه، اغتسلت منه، ثم صار حكم دم الإستحاضة حكم الحدث، فتتؤضأ لكل صلاة لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية، لظاهر قوله: ثم توضئ لكل صلاة. وبهذا قال الجمهور، فوضوء المستحاضة عندهم للصلاة لا للوقت. وأما ما روى أبوحنيفة, عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: توضئ لوقت كل صلاة. ففي كونه محفوظاً نظر قوي وكلام ظاهر، فإن الطرق الصحيحة كلها قد وردت بلفظ: توضئ لكل صلاة، وأما هذا اللفظ فلم يقع في واحد منها. وقد تفرد به أبوحنيفة، وهو سيء الحفظ كما صرح به ابن عبد البر. وقال بعض الحنفية: لو ثبت لفظ"وقت الصلاة" لم ينفصل منه الأمر أيضا، لأنه يجري البحث بعده في السبب هل هو الصلاة أو الوقت؟ ويسوغ لهم أي: الشافعية أن يقولوا: أن للام للظرف، فوقت الصلاة ظرف للوضوء لا سبب وإنما السبب هو الصلاة كما في قولنا: أتيت فلاناً لخمس مضين من رمضان. فإن اللام فيه للظرف لا للسبب، فالوضوء يجب على المعذور لأجل الصلاة في وقتها عندهم، فصح ما في المعنى لوقت كل صرة على مذهبهم أيضاً- انتهى (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب غسل الدم. وأخرجه أيضاً الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>