٥٦٩- (٤) وعن أنس، قال:((جاء رجل فقال: يارسول الله! إني أصبت حداً فأقمه علي. قال: ولم يسأله عنه. وحضرت الصلاة، فصلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، قام الرجل، فقال: يارسول الله! إني أصبت حداً فأقم في كتاب الله. قال: أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم. قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك أو حدك)) متفق عليه.
ــ
وجوب الحد في القبلة واللمس ونحوهما، وعلى سقوط التعزير عمن أتى شيئاً منها وجاء تائباً نادماً (متفق عليه) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، وفي تفسير سورة هود، ومسلم في التوبة، وأخرجه أيضاً الترمذي في التفسير، وابن ماجه في الصلاة، واللفظ المذكور للبخاري في مواقيت الصلاة.
٥٦٩- قوله:(جاء رجل فقال: يارسول الله! إني أصبت حداً) أي: موجبه على حذف المضاف، أي: فعلت شيئاً يوجب الحد (فأقمه) أي: الحد، والمراد حكم الله (علي) قال الحافظ في الفتح: لم أقف على اسم هذا الرجل، ولكن من وحد بين هذه القصة والتي في حديث ابن مسعود فسره به، وليس بجيد لاختلاف القصتين، وعلى التعدد جرى البخاري في هاتين الترجمتين، فحمل الأولى على من أقر بذنب دون الحد للتصريح بقوله: غير أني لم أجامعها. وحمل الثانية على ما يوجب الحد، لأنه ظاهر قول الرجل، وأما من وحد بين القصتين، فقال: لعله ظن ما ليس بحد حداً، أو استعظم الذي فعله، فظن أنه يجب فيه الحد-انتهى. ولحديث أنس هذا شاهد من حديث أبي أمامة عند مسلم، وابن جرير (ولم يسأله عنه) أي: لم يستفسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل عن موجب الحد ما هو؟ لأنه قد يدخل في التجسس المنهى عنه، أو إشارا للستر. ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - اطلع بالوحي على أن الله قد غفر له، لكونها واقعة عين، وإلا لكان يستفسره عن الحد، ويقيمه عليه. قال الخطابي، وجزم النووي، وجماعة: أن الذنب الذي فعله كان من الصغائر بدليل قوله: إنه كفرته الصلاة، بناء على أن الذي تكفر الصلاة من الذنوب الصغائر لا الكبائر. وترجم البخاري على هذا الحديث بقوله: إذا أقر بالحد، ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه؟ قال الحافظ: ظاهر ترجمته حمله على من أقر بحد ولم يفسره فإنه لا يجب على الإمام أن يقيمه عليه إذا تاب، أي: وكان موجب الحد مخفيا (فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة) أي: أداها وانصرف عنها (قام الرجل) وفي البخاري، قال: إليه الرجل (فأقم في) أي: في حقي (كتاب الله) أي: حكم الله من الكتاب والسنة، أو ما حكم به الله تعالى في كتابه من الحد (أو حدك) شك من الراوي أي: سبب حدك (متفق عليه) أخرجه البخاري في المحاربين، ومسلم في التوبة، واللفظ البخاري.