٥٧٠- (٥) وعن ابن مسعود، قال:((سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها. قلت: ثم أى؟ بر الوالدين. قلت: ثم أى؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني)) . متفق عليه.
ــ
٥٧٠- قوله:(أي: الأعمال) أي: البدنية، فلا يعارض "أفضل الأعمال الإيمان بالله" كذا قيل (الصلاة لوقتها) أي: في وقتها المندوب، فاللام فيه بمعنى في، لأن الوقت ظرف لها. قال تعالى:{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}[٤٧:٢١] أي: فيه. وفي رواية للشيخين على وقتها. قيل على بمعنى اللام، ووقع في رواية الحاكم والدارقطني والبيهقي: في أول وقتها، وهي رواية صحيحة صححها الحاكم ووافقه الذهبي، وأخرجها ابن خزيمة في صحيحه. قيل: رواية لوقتها باللام تفيد معنى لفظ أول، لأن اللام لاستقبال وقتها كقوله:{فطلقوهن لعدتهن}[١:٦٥] أي: مستقبلات لعدتهن، ومعلوم ضرورة شرعية أن الصلاة لا تصح قبل دخول الوقت، فتعين أن المراد لاستقبالكم الأكثر من وقتها، وذلك بالإتيان بها في أول وقتها. ورواية "على وقتها" أيضاً تفيد ذلك، لأن كلمة "على" تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت. وفائدته تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه. وعورض تفضيل الصلاة في أول وقتها على ما كان منها في غيره بحديث العشاء، وبأحاديث الإبراد بالظهر عند القائلين بأفضلية الإبراد. والجواب أن ذلك تخصيص لعموم أول الوقت، ولا معارضة بين عام وخاص، هذا. وقد وردت أحاديث أخرى في أنواع من أعمال البر بأنها أفضل الأعمال، وهي تعارض حديث ابن مسعود هذا ظاهرا. وأجيب بأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر كل مخاطب بما هو أليق به وهو به أقوم، وإليه أرغب، ونفعه فيه أكثر، فالشجاع أفضل الأعمال في حقه الجهاد، فإنه أفضل من تخليه للعبادة، والغنى أفضل الأعمال في حقه الصدقة وغير ذلك. أو كان الاختلاف في الجواب بإختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها، والتمكن من أدائها وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل. أو أن كلمة من مقدرة، والمراد من أفضل الأعمال. أو كلمة أفضل لم يرد به الزيادة بل الفضل المطلق. وأجاب الطحاوي عن هذا الإشكال بجواب آخر أطال في تقريره، إن شيءت الوقوف عليه فارجع له إلى مشكله (ثم أى) بالتشديد والتنوين، وثم لتراخى الرتبة لا لتراخي الزمان، أي: ثم بعد الصلاة أيها أحب وأفضل (بر الوالدين) بكسر الباء وتشديد الراء الإحسان، وبر الوالدين ضد العقوق، وهو الإساءة وتضييع الحقوق (حدثني بهن) أي: بهذه الأشياء الثلاثة (ولو استزدته) أي: طلبت منه الزيادة في السؤال يعني لو سألته أكثر من هذا (لزادني) في الجواب (متفق عليه) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، والجهاد، والأدب والتوحيد. ومسلم في الإيمان. وأخرجه أيضاً الترمذي في الصلاة، وفي البر والصلة. والنسائي والدارمي في الصلاة. وأبوداود الطيالسي في مسنده. واعلم أن هذا الحديث ليس مروياً في الصحيحين بعين هذا اللفظ وتمامه الذي ذكره المؤلف تبعاً للبغوي، بل اللفظ المذكور