قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها. فإن أدركتها معهم، فصل، فإنها لك نافلة)) رواه مسلم.
٦٠٣- (١٥) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح. ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر)) .
ــ
الاستعارة وجعل القرينة يميتون؛ لأنه غير لازم المشبه به. قال النووي: المراد بتأخيرها تأخيرها عن وقتها المختار؛ لأنهم لم يكونوا يؤخرونها عن جميع وقتها. قلت: ظاهر الحديث إخراج الصلاة وتأخيرها عن جميع وقتها، وعليه حمله النسائي. وقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، فينبغي أن يحمل هذا الحديث على الواقع. قال الحافظ في الفتح: قد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة، ثم ذكرها. (فما تأمرني) أي فما الذي تأمرني أن أفعل في ذلك الوقت؟. (فإن أدركتها) بأن حضرتها. (معهم فصل فإنها) أي الصلاة التي صليت مع الأمراء. (لك نافلة) يعني صل الصلاة في أول الوقت، فإن صادفتهم بعد ذلك وقد صلوا أجزأتك صلاتك، وإن أدركت الصلاة معهم فصل معهم، وتكون هذه الثانية نافلة لك. والحديث يدل على مشروعية الصلاة لوقتها وترك الإقتداء بالأمراء إذا أخروها عن أول وقتها، وأن المؤتم يصليها منفرداً، ثم يصليها مع الإمام لئلا تتفرق الكلمة وتقع الفتنة، فيجمع بين فضيلتي أول الوقت والجماعة. وقوله: فإنها لك نافلة. صريح في أن الصلاة التي يصليها مرتين تكون الأولى فريضة، والثانية نفلاً. وفي الحديث دليل على أنه لا بأس بإعادة الصبح والعصر وسائر الصلوات؛ لأن النبي أطلق الأمر بالإعادة، ولم يفرق بين الصلاة والصلاة، فيكون مخصصاً لحديث: لا صلاة بعد العصر وبعد الفجر. (رواه مسلم) وأخرجه أيضا الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
٦٠٣- قوله:(من أدرك ركعة) بأن أتى بها بواجباتها من الفاتحة، واستكمال الركوع والسجود، ومفهومه أن من أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركاً للوقت، وأن صلاته تكون فضاء، وإليه ذهب الجمهور، وقيل: تكون أداء. والحديث يرده. (من الصبح) أي من صلاة الصبح. (قبل أن تطلع الشمس) أي وأضاف إليها أخرى بعد طلوعها. (فقد أدرك الصبح) أي أدرك صلاة الصبح أداء لوقوع ركعة في الوقت، فالإتيان ببعضها قبل خروج الوقت ينسحب حكمه على ما بعد خروجه فضلاً من الله، فيكون الكل أداء. وقيل: أي تمكن من إدراكها بأن يضم إلى الركعة المؤداة بقية الصلاة. وليس المراد أن الركعة تكفي عن الكل. وهذا لصاحب العذر كالرجل ينام عن الصلاة، أو ينساها فيذكر، أو يستيقظ عند طلوع الشمس وغروبها. قال النووي: وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت-انتهى.