ثالثة من كل شهر، وليس الأمر كذلك. ثم نقل لإثبات خطأ ابن التركماني جدولين لأوقات غروب القمر في الليالي الثالثة من شهور سنة ١٣٤٥هـ. وسنة ١٣٥٦هـ. بحساب مدينة القاهرة ذكر فيهما أوقات العشاء، وأوقات الفجر، وأوقات غروب القمر بالساعة العربية. بتقسيم اليوم والليلة إلى ٢٤ ساعة واحتساب مبدأها من غروب الشمس. قال: ومنه يظهر خطأ ابن التركماني، فإنك إذا قسمت الوقت بين غروب الشمس وبين طلوع الفجر إلى اثنى عشر قسماً – سماها ابن التركماني ساعات – وجدت أن القمر يغرب في بعض الليالي الثالثة قبل الوقت الذي ذكر، وفي بعض الليالي بعده. ومنه يظهر أيضاً أن النعمان بن بشير لم يستقرأ أوقات صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء استقراء تاماً، ولعله صلاها في بعض المرات في ذلك الوقت، فظن النعمان أن هذا الوقت يوافق غروب القمر لثالثة دائماً، ومما يؤيد ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يلتزم وقتاً معيناً في صلاتها، كما قال جابر بن عبد الله في ذكر أوقات صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: والعشاء أحياناً يؤخرها، وأحياناً يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر. وهو حديث صحيح أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبوداود والنسائي. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري. (والدارمي) وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤: ص٢٧٤) والترمذي والحاكم (ج١: ص١٩٤) والبيهقي (ج١: ص٤٤٨، ٤٤٩) . قال ابن العربي في عارضة الأحوذى (ج١: ص٢٧٧) : حديث النعمان حديث صحيح وإن لم يخرجه الإمامان فإن أباداود خرجه عن مسدد، والترمذي عن ابن أبي الشوارب كلاهما عن أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، فأما حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير، فقال أبوحاتم: هو ثقة، وأما بشير بن ثابت، فقال: يحيى بن معين: إنه ثقة. ولا كلام فيمن دونهما، وإن كان هشيم قد رواه عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم بإسقاط بشير. وما ذكرناه أصح. وكذلك رواه شعبة وغيره، وخطأ من أخطأ في الحديث لا يخرجه عن الصحة – انتهى. قلت: حديث شعبة أخرجه أحمد (ج٤: ص٢٧٢) عن يزيد بن هارون، والحاكم (ج١: ص١٩٤) من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة، عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة. وحديث هشيم أخرجه أيضاً أحمد (ج٤: ص٢٧٠) وأبوداود الطيالسي كلاهما عن هشيم، وأخرجه الحاكم (ج١: ص١٩٤) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم بغير ذكر واسطة بشير بن ثابت، قال الحاكم: تابعه رقبة مصقلة، عن أبي بشر، هكذا اتفق رقبة وهشيم على رواية هذا الحديث عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، وهو إسناد صحيح، وخالفهما شعبة وأبوعوانة فقالا: عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم – انتهى. ورقبة بن مصقلة ثقة، وروايته عند النسائي عن محمد بن قدامة، عن جرير بن عبد الحميد. عن رقبة. وهذا كما ترى قد اختلفت الرواية عن أبي بشر، فبعضهم رواه عنه، عن حبيب بن سالم بلا واسطة، وبعضهم رواه عنه، عن بشير بن ثابت، عن حبيب. وقد رجح الترمذي وتابعه ابن العربي رواية من زاد عن بشير بن ثابت. قال الترمذي: وحديث أبي عوانة أصح عندنا؛ لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة، عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة،