٦٣٣- (٨) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم
المغرب، قال: وتقول الأعراب: هي العشاء.
ــ
الجماعة، فمن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له قيام ليلة ونصف، وهذا ينافي رواية الترمذي وأبي داود بلفظ: ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة. وأجيب بأن المراد بقوله: ومن صلى الصبح في جماعة، في رواية مسلم أي منضماً لصلاة العشاء جماعة، قاله المناوى. وقال الطيبي في شرح قوله فكأنما صلى الليل كله: أي بانضمام ذلك النصف، فكأنه أحي نصف الليل الأخير-انتهى. وقال المنذري في تلخيص السنن: اللفظ الذي أخرجه أبوداود تفسير لفظ مسلم، ويبين أن المراد بقوله: ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله، يعني ومن صلى الصبح والعشاء، وطرق هذا الحديث مصرحة بذلك، وأن كل واحد منهما يقوم مقام نصف ليلة، وأن اجتماعهما يقوم مقام ليلة. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي، وأبوداود، وأخرجه مالك موقوفاً على عثمان من قوله.
٦٣٣- قوله:(لا يغلبنكم) بالتحتية، وروي بالفوقية أيضاً. (الأعراب) هم سكان البوادي خاصة، والمراد أعراب الجاهلية. (على اسم صلاتكم المغرب) بالجر، صفة للصلاة، ويجوز رفعه على أنه خبر المبتدأ أي هي، ونصبه بتقدير أعني، وإنما شرع لها التسمية بالمغرب؛ لأنه اسم يشعر بمسماها، وبابتداء وقتها. قيل: معنى الغلبة أنكم تسمونها أسماء، وهم يسمونها أسماء، فإن سميتموها بالاسم الذي يسمونها به وافقتموهم، وإذا وافق الخصم خصمه صار كأنه انقطع له حتى غلبه، والمقصود النهي عن تسمية المغرب بالعشاء كما تفعل الأعراب، فإنه إذا وقعت الموافقة لهم فقد غلبتهم الأعراب عليها، إذ من رجع إليه خصمه فقد غلبه، وقد اختلف في علة النهي، فقيل: إن لفظ العشاء لغة هو أول ظلام الليل، وذلك من غيبوبة الشفق، فلو قيل للمغرب عشاء لأدى إلى أن أول وقتها غيبوبة الشفق، وقيل: هي خوف التباس المغرب بالعشاء، وعلى هذا لا يكره أن يقال للمغرب العشاء الأولى، ويؤيده قولهم: العشاء الآخرة، كما ثبت في الصحيح، وكذا لا يكره تسمية المغرب عشاء على سبيل التغليب، كمن قال مثلا: صليت العشاءين. لزوال اللبس في الصيغتين المذكورتين، وقيل: العلة الجامعة أن تسميتها بالعشاء مخالفة لإذن الله، فإنه سمى الأولى المغرب والثانية العشاء، وقيل غير ذلك، والله أعلم. (قال: وتقول الأعراب) قد جزم الكرماني أن فاعل "قال" هو عبد الله بن مغفل المزني الصحابي راوي الحديث، على ما في صحيح البخاري. قال الحافظ: ويحتاج إلى نقل خاص لذلك، وإلا فظاهر إيراد الإسماعيلي أنه من تتمة الحديث، فإنه أورده بلفظ: فإن الأعراب تسميها، والأصل في مثل هذا أن يكون كلاماً واحداً حتى يقوم دليل على إدراجه-انتهى. (هي) أي المغرب. (العشاء) ؛ لأن العشاء، لغة: أول ظلام الليل.