٦٣٤- (٩) وقال: ((لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها في كتاب الله العشاء، فإنها
تعتم بحلاب الإبل)) رواه مسلم.
ــ
٦٣٤- قوله:(وقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء) قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: المعنى فيه أن العادة أن العظماء إذا سموا شيئاً باسم فلا يليق العدول عنه إلى غيره؛ لأن ذلك تنقيص لهم. ورغبة عن صنيعهم، وترجيح لغيره عليه، وذلك لا يليق، والله سبحانه وتعالى سماها في كتابه العشاء في قوله:{ومن بعد صلاة العشاء}[٢٤: ٥٨] فيقبح بعد تسمية ذي الجلال والإكرام العدول إلى غيره، انتهى. والحديث يدل على كراهة تسمية العشاء العتمة، وقد ذهب إلى ذلك ابن عمر راوي الحديث. ومنهم من أطلق جوازه، نقله ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق وغيره، ومنهم من جعله خلاف الأولى، نقله ابن المنذر عن مالك، والشافعي، واختاره، واليه ذهب البخاري حيث قال في صحيحه: والاختيار أن يقول العشاء؛ لقوله تعالى. {من بعد صلاة العشاء} قال الحافظ: وهو الراجح. قلت: قد تقدم وجه التوفيق بين حديث ابن عمر هذا وبين الحديث السابق عن أبي هريرة، فتذكر. وقال السندي: قوله: فلا تغلبنكم الأعراب، الخ. أي الإسم الذي ذكر الله تعالى لهذه الصلاة اسم العشاء، والأعراب يسمونها العتمة، فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه من غلبة الأعراب عليكم، بل أكثروا استعمال اسم العشاء موافقة للقرآن، فالمراد النهي عن إكثار اسم العتمة لا عن إستعماله أصلاً، فاندفع ما يتوهم من التنافي بين أحاديث المنع والثبوت في استعمالاته - صلى الله عليه وسلم - انتهى. (فإنها في كتاب الله العشاء) الفاء فيه علة للنهي، وفي قوله:(فإنها تعتم) علة للتسمية، أي لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء؛ لأن اسمها في كتاب الله العشاء، وهم يسمونها بالعتمة؛ لأنها تعتم. (بحلاب الإبل) بكسر الحاء، أي بسبب حلبها، فالباء للسببية. قال ابن الملك: قوله: فإنها تعتم، روى مجهولاً فالضميران للصلاة، ومعلوماً فهما للأعراب. وقال السيد: تعتم معروف لرواية: فإنهم يعتمون بالإبل، ويجوز كونه مجهولاً، والضمير للصلاة- انتهى. قلت: رواه ابن ماجه بلفظ: وإنهم ليعتمون بالإبل، وعند النسائي: فإنهم يعتمون على الإبل، قال السندي: من أعتم إذا دخل في العتمة وهي الظلمة، وعلى بمعنى اللام، أي يؤخرون الصلاة ويدخلون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحلبها انتهى. وقيل: كانوا يؤخرون الحلاب إلى الظلمة، ويسمون ذلك الوقت العتمة، فهو من باب تسمية الشيء باسم وقته. (رواه مسلم) فيه نظر فإنه يوهم أنه حديث واحد من رواية ابن عمر، وأنه عند مسلم بهذا التمام، وليس كذلك، فإن الجملة الأولى مروية في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن مغفل المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في باب من كره أن يقال للمغرب العشاء، وهي كما ترى في صلاة المغرب. قال ميرك: قال صاحب التخريج: ولم أره في غير البخاري، وكذا قال الشيخ الجزري، رواه البخاري من حديث عبد الله بن مغفل. قلت: الحديث من إفراد البخاري، كما قال العيني ثم القسطلاني، وذكره الشيخ عبد الغني النابلسي في ذخائر المواريث في مسند عبد الله بن مغفل، وعزاه للبخاري فقط، وهو يدل على أنه لم يروه