٦٣٥- (١٠) وعن علي، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الخندق:((حبسونا عن صلاة الوسطى:
ــ
من أصحاب الكتب الستة إلا البخاري وحده، وقد أخرجه أحمد في مسنده (ج٥: ص٥٥) وأبونعيم في مستخرجه، وابن خزيمة في صحيحه، وأما الجملة الثانية أي قوله "لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء" الخ. فهي في صلاة العشاء لا في صلاة المغرب، وهي مما تفرد به مسلم عن البخاري، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢: ص١٠، ١٨، ٤٩، ١٤٤) وأبوداود والنسائي وابن ماجه كلهم من حديث ابن عمر، ولم يخرج البخاري في هذا شيئاً، وتوهم صاحب المشكاة أن الجميع حديث واحد مروي عن ابن عمر عند مسلم، ولم أقف على منشأ توهمه، فإن محي السنة أورد الجملة الأولى في المصابيح، وقال عقبها: رواه عبد الله المزني، ثم أورد الجملة الثانية أي الحديث الثاني، وقال في آخره: رواه ابن عمر. على ما في أيدينا من نسخة المصابيح المطبوعة بمصر، وقال ميرك: ومنشأ توهم صاحب المشكاة أن محي السنة أودر الحديثين في المصابيح: أحدهما عقيب الآخر، وقال في الآخر: رواه ابن عمر، فظن المصنف أنه حديث واحد مروي عن ابن عمر فوقع فيما وقع، والله أعلم. قلت: هذا يدل على اختلاف نسخ المصابيح في ذكر قوله: رواه عبد الله المزني.
٦٣٥- قوله:(يوم الخندق) وهو يوم الأحزاب، وكان في شوال سنة أربع من الهجرة، قاله موسى بن عقبة، واختاره البخاري، وقيل: سنة خمس، وعليه كثيرون. وسميت الغزوة بالخندق لأجل الخندق الذي حفر بأمره - صلى الله عليه وسلم - حول المدينة لما أشار به سلمان الفارسي، فإنه من مكايد الفرس دون العرب. وعمل فيه عليه الصلاة والسلام بنفسه ترغيباً للمسلمين، فإنهم قاسوا في حفره شدائد، منها شدة الجوع، والبرد، وكثرة الحفر، والتعب، وأقاموا في عمل الحفر عشرين ليلة، أو خمسة عشر يوماً، أو أربعاً وعشرين، أو شهراً على أقوال. وسميت بالأحزاب لاجتماع طوائف من المشركين: قريش، وغطفان، وبني أسد، وبني سليم، وبني سعد، واليهود، على حرب المسلمين، وهم كانوا ثلاثة آلاف، والمشركون عشرة آلاف، وقيل: أربعة وعشرون ألفاً. (حبسونا) أي منعونا وشغلونا عن فعل الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس، وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف. (عن صلاة الوسطى) بإضافة الصلاة إلى الوسطى، وهو من باب قول الله تعالى:{وما كنت بجانب الغربي}[٢٨: ٤٤] وفيه المذهبان المعروفان: مذهب الكوفيين جواز إضافة الموصوف إلى صفته، ومذهب البصريين منعه، ويقدرون فيه محذوفاً، وتقديره هنا: عن صلاة الصلاة الوسطى، أي عن فعل الصلاة الوسطى، وهي تأنيث الأوسط كالفضلى تأنيث الأفضل، والأوسط الأعدل من كل شيء، قال أعرابي يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم -:
يا أوسط الناس طرا في مفاخرهم ... وأكرم الناس أماً برة وأباً
وقال تعالى:{قال أوسطهم}[٦٨: ٢٨] أي أفضلهم وليست من الوسط الذي معناه المتوسط بين شيئين؛ لأن فعلى أفعل التفضيل، ولا يبنى منه إلا ما يقبل الزيادة والنقصان، والوسط بمعنى العدل والخيار يقبلهما، بخلاف المتوسط بين الشيئين فإنه لا يقبلهما، فلا يبنى منه أفعل التفضيل، قاله القسطلاني، ورجح الرازي في تفسيره كونه من التوسط بين الشيئين، وقال: المراد من الوسطى ما تكون وسطى في العدد لا ما تكون وسطى بسبب الفضيلة-انتهى. وذكره الزمخشري