للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فاقتادوا رواحلهم شيئاً، ثم توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر بلالاً فأقام الصلاة، فصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة، قال: من نسي الصلاة، فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: {وأقم الصلاة لذكرى} . رواه مسلم.

ــ

أصحهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما؛ لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره مما يتعلق بالعين وإنما يدرك ذلك بالعين، والعين نائمة وإن كان القلب يقظان. والثاني أنه كان له حالان أحدهما ينام فيه القلب، وصادف هذا الموضع، والثاني لا ينام، وهذا هو الغالب من أحواله، وهذا التأويل ضعيف، والصحيح المعتمد هو الأول- انتهى. (فاقتادوا) ماض أي ساقوا. (شيئاً) أي يسيراً من الزمان أو اقتياداً قليلاً من المكان، أي ذهبوا برواحلهم من ثمة مسافة قليلة. (وأمر بلالاً) أي بالإقامة. (فأقام الصلاة) أي للصلاة، وفيه إثبات الإقامة للفائتة، وفيه إشارة إلى ترك الأذان للفائتة، وفي حديث أبي قتادة عند الشيخين إثبات الأذان للفائتة، وهي زيادة صحيحة، والزيادة إذا صحت قبلت وعمل بها. وأما ترك ذكر الأذان في حديث أبي هريرة فجوابه من وجهين: أحدهما لا يلزم من ترك ذكره أنه لم يؤذن فلعله أذن وأهمله الراوي، أو لم يعلم به، والثاني لعله ترك الأذان في هذه المرة لبيان جواز تركه، وإشارة إلى أنه ليس بواجب متحتم لا سيما في السفر. (فصلى بهم الصبح) أي قضاء، وفيه استحباب الجماعة في الفائتة. (فلما قضى الصلاة) أي فرغ منها. (من نسي الصلاة) وفي معنى النسيان النوم، أي من تركها بنسيان أو نوم، واكتفى بالنسيان عن النوم؛ لأنه مثله بجامع ما في كل من الغفلة وعدم التقصير. (فليصلها إذا ذكرها) فيه وجوب قضاء الفريضة الفائتة سواء تركها بعذر كنوم أو نسيان، أم بغير عذر، وإنما قيد في الحديث بالنسيان لخروجه على سبب، ولأنه إذا وجب القضاء على المعذور فغيره أولى بالوجوب، وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، وقوله: فليصلها إذا ذكرها محمول على الاستحباب، فإنه يجوز تأخير قضاء الفائتة بعذر على الصحيح. {أقم الصلاة لذكرى} بالإضافة إلى ياء المتكلم، وهي القراءة المشهورة، وظاهرها لا يناسب المقصود فأوله بعضهم بأن المعنى: وقت ذكر صلاتي، على حذف المضاف وإضافة المصدر إلى المفعول، واللام بمعنى الوقت أي إذا ذكرت صلاتي بعد النسيان، أو المراد بالذكر المضاف إلى الله تعالى ذكر الصلاة لكون ذكر الصلاة يفضى إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى فيها، فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله، فقيل في موضع: أقم الصلاة لذكر الله، وقراءة ابن شهاب "للذكرى" بلام الجر ثم لام التعريف وآخره ألف مقصورة، وهي قراءة شاذة لكنها موافقة للمطلوب هنا بلا تكلف. (رواه مسلم) في الصلاة، وأخرجه أيضاً الترمذي في تفسير سورة طه. وأبوداود، وابن ماجه في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>