للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٦٩٠- (٦) وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد

خرجت)) . متفق عليه.

٦٩١- (٧) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أقيمت الصلاة،

ــ

٦٩٠- قوله: (إذا أقيمت الصلاة) أي ذكرت ألفاظ الإقامة ونودي بها. (فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت) أي من الحجرة الشريفة، أي فإذا رأيتموني قد خرجت فقوموا، وذلك لئلا يطول عليهم القيام، ولأنه قد يعرض له ما يؤخره. وفيه أنه إذا لم يكن الإمام في المسجد لا يقوم المؤتمون عند الإقامة إلى الصلاة إلا حين يرونه. وإليه ذهب الجمهور. وأما إذا كان هو معهم في المسجد فالمستحب أن يقوم الناس إذا أخذ المؤذن في الإقامة. وفيه جواز الإقامة والإمام في منزله إذا كان يسمعها وتقدم إذنه في ذلك. قال القرطبي: ظاهر الحديث أن الصلاة كانت تقام قبل أن يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيته، وهو معارض لحديث جابر بن سمرة: إن بلالاً كان لا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه. أخرجه مسلم. ويجمع بينهما بأن بلالاً كان يراقب خروج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأول ما يراه يشرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس، ثم إذا رأوه قاموا، فلا يقوم في مقامه حتى تعتدل صفوفهم، وأما حديث أبي هريرة عند مسلم بلفظ: أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتى فقام مقامه-الحديث. وعند البخاري بلفظ: أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعنه في رواية أبي داود "إن الصلاة كانت تقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يجئ النبي - صلى الله عليه وسلم - "، فيجمع بينه وبين حديث أبي قتادة بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز، وبأن صنيعهم في حديث أبي هريرة كان سبب النهي عن ذلك في حديث أبي قتادة، وأنهم كانوا يقومون ساعة تقام الصلاة، ولو لم يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل يبطئ فيه عن الخروج فيشق عليهم انتظاره، ولا يرد هذا الحديث أنس عند البخاري وغيره: أنه قام في مقامه طويلاً في حاجة بعض القوم. لاحتمال أن يكون ذلك وقع نادراً، أو فعله لبيان الجواز. (متفق عليه) قال ميرك: فيه نظر؛ لأن قوله "قد خرجت" من إفراد مسلم، قال القاري: هذا من باب التأكيد الذي بدونه تحصل الإفادة، فكان اللفظ للبخاري والمعنى لمسلم. قلت: الظاهر أن المراد اتفاق الشيخين على إخراج أصل الحديث من غير نظر إلى خصوص اللفظ، والحديث أخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي.

٦٩١- قوله: (إذا أقيمت الصلاة) ذكر الإقامة ليس بقيد لما في حديث أبي قتادة عند البخاري "إذا أتيتم الصلاة" فإنه يتناول ما قبل الإقامة، فالمراد الذهاب والمشي إلى الصلاة، وإنما ذكر الإقامة في حديث أبي هريرة؛ لأنها هي الحاملة في الغالب على الإسراع، وهي محل توهم جواز الإسراع لإدراك أول الصلاة مع الإمام، فإن المسرع إذا أقيمت الصلاة يترجى إدراك فضيلة التكبير الأولى، فإذا لم يجز الإسراع مع وجود هذه المصلحة. فعند انتفائها بالأولى،

<<  <  ج: ص:  >  >>