متفق عليه. وفي رواية لمسلم:((فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة)) .
ــ
برواية "أتموا"؛ لأن لفظ الإتمام واقع على باق من شيء قد تقدم سائره، فمن سبق بثلاث ركعات فإنه يقوم بعد سلام الإمام فيصلي ركعة بالفاتحة وسورة، ثم يجلس ويتشهد، ثم يقوم فيصلي ركعتين بالفاتحة فقط، ثم يتشهد ويسلم، بناء على أن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته، وأنه يكون بانياً عليه في الأقوال والأفعال. وروى البيهقي من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي:"ما أدركت فهو أول صلاتك". وعن ابن عمر بسند جيد مثله. وقال مالك: إنه أول صلاته بالنسبة إلى الأفعال، فيبني عليها، وآخرها بالنسبة إلى الأقوال فيقضيها، فمن سبق بثلاث ركعات يقضي ركعة بالفاتحة وسورة ويقعد ويتشهد، ثم يقوم فيصلي ركعتين أولاهما بالفاتحة وسورة، وآخراهما بالفاتحة خاصة، وكأنه أراد الجمع بين الروايتين والعمل بمقتضى اللفظين، واستدل لذلك بما رواه البيهقي من حديث قتادة أن علياً قال: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك، واقض ما سبقك من القرآن. والراجح عندي هو ما ذهب إليه الشافعي؛ لأن أكثر الرواة أجمعوا على قوله عليه السلام: وما فاتكم فأتموا. ولا يخالفه لفظ "اقضوا" كما سيأتي. قال الحافظ: إن أكثر الروايات ورد بلفظ "فأتموا" وأقلها بلفظ "فاقضوا"، وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين الإتمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحداً واختلف في لفظه منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهنا كذلك؛ لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالباً لكنه يطلق على الأداء أيضاً، ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى:{فإذا قضيت الصلاة}[٦٢: ١٠] ويرد بمعان آخر، فيحمل قوله هنا "فاقضوا" على معنى الأداء، أو الفراغ، فلا يغاير قوله "فأتموا"، فلا حجة فيه لمن تمسك برواية "فاقضوا" على أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته بل هو أولها، وإن كان آخر صلاته إمامه؛ لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه، وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخراً له لما احتيج إلى إعادة التشهد، وقول ابن بطال: إنه ما تشهد إلا لأجل السلام؛ لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد. ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور. واستدل ابن المنذر لذلك أيضاً على أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى-انتهى. واستدل بالحديث على أن مدرك الركوع لا يعتد بتلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته؛ لأنه فاته القيام والقراءة فيه، وهو قول أبي هريرة وجماعة، بل حكاه البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام، واختاره ابن خزيمة والضبعي وغيرهما من محدثي الشافعية، وقواه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه. (وفي رواية لمسلم فإن أحدكم) تعليل لقوله: وعليكم السكينة. (إذا كان يعمد) بكسر الميم أي يقصد. (فهو في صلاة) أي حكماً وثواباً، فينبغي له من الخشوع والوقار الذي يجب على المصلي، مع أن عدم الإسراع يستلزم كثرة الخطأ وهو معنى مقصود لذاته وردت فيه أحاديث.