للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبلال بن رباح، فأغلقها عليه، ومكث فيها، فسألت بلالاً حين خرج: ماذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: جعل عموداً عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة، ثم صلى))

ــ

صحبة ورواية، قتل أبوه يوم أحد كافراً، وأسلم شيبة بعد الفتح، وكان ممن صبر بحنين مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال مصعب الزبيري دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - المفتاح إليه وإلى عثمان بن طلحة فقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يأخذها منكم إلا ظالم. مات شيبة سنة (٥٩) . (وبلال بن رباح) بفتح الراء مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخادم أمر صلاته، وأدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - معه أسامة وبلالاً لملازمتهما خدمته. (فأغلقها) أي الكعبة يعني بابها، والفاعل عثمان كما وقع التصريح به في رواية لمسلم، ووقع في الموطأ بلفظ "فأغلقاها" فالضمير لعثمان وبلال، وفي رواية للشيخين "فأغلقوا" والجمع بين الروايات أن عثمان هو المباشر لذلك؛ لأنه من وظيفته، وأما ضم بلال فلعله ساعده في ذلك، ورواية الجمع يدخل فيها الآمر بذلك والراضي به. (عليه) أي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية "عليهم" وهو ظاهر، وإنما أغلق الباب لئلا يزدحم الناس عليه لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه، أو ليكون ذلك أسكن لقلبه، وأجمع لخشوعه، وقيل: لئلا يكثر الناس فيصلوا بصلاته، ويكون ذلك عندهم من المناسك كما فعل في صلاة الليل في رمضان. واستدل البخاري بحديث ابن عمر هذا على جواز اتخاذ الغلق للمساجد لأجل صونها عما لا يصلح فيها، ولأجل حفظ ما فيها من الأيدي العادية. (ومكث) بضم الكاف وفتحها أي توقف. (ماذا صنع) أي داخل البيت. (جعل عموداً عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة) كذا في هذه الرواية ولا إشكال فيها. ووقع في رواية للبخاري: جعل عموداً عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة. ولا يخفى ما فيها من الإشكال إذ في قوله: وكان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة، إشعار بكون ما عن يمينه أو يساره اثنين. وأجيب بأن التثنية بالنظر إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والإفراد بالنظر إلى ما صار إليه بعد، ويؤيده قوله "وكان البيت يومئذٍ"؛ لأن فيه إشعاراً بأنه تغير عن هيئته الأولى. أو يقال لفظ العمود جنس يحتمل الواحد والاثنين، فهو مجمل بيّنته رواية عمودين، أو لم تكن الأعمدة الثلاثة على سمت واحد بل عمودان متسامتان والثالث على غير سمتهما، ولفظ المقدمين في الرواية الأخرى ليشعر به، أو كان هناك ثلاثة أعمدة مصطفة فصلى إلى جنب الأوسط، فمن قال: جعل عموداً عن يمينه وعموداً عن يساره، لم يعتبر الذي صلى إلى جنبه، ومن قال: عمودين اعتبره. وقوله: كان البيت يومئذٍ على ستة أعمدة. إخبار عما كان عليه البيت قبل أن يهدم، ويبنى في زمن ابن الزبير، وأما الآن فعلى ثلاثة أعمدة. (ثم صلى) أي متوجهاً إلى الجدار الغربي المقابل للجدار الشرقي الذي فيه الباب تقريباً بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع. وفي الحديث مشروعية الدخول في الكعبة واستحبابه، وفيه استحباب الصلاة فيها، وهو ظاهر في النفل، ويلتحق به الفرض إذا لا فرق بينهما

<<  <  ج: ص:  >  >>