٦٩٧- (٤) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة في مسجدي هذا
ــ
في الاستقبال للمقيم، وهو قول الجمهور، ومنع منه مالك لقوله:{فولوا وجوهكم شطره}[٢: ١٤٤] أي قبالته، ومن فيه مستدبر لبعضه، ولم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الفرض داخله، وإن ثبت أنه صلى النفل، إذ يسامح في النافلة ما لا يسامح في الفريضة. (متفق عليه) فيه أن قوله: جعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه من إفراد البخاري: ولفظ مسلم: جعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه، عكس رواية البخاري، فنسبة المصنف للرواية التي ذكرها هو إلى الشيخين فيه نظر، اللهم! إلا أن يقال: أن مراد المصنف اتفاق الشيخين على أصل الحديث. وجمع بعرض المتأخرين بين هاتين الروايتين باحتمال تعدد الواقعة. قال الحافظ: وهو بعيد لاتحاد مخرج الحديث، وقد جزم البيهقي بترجيح رواية البخاري.
٦٩٧- قوله:(صلاة) التنكير للوحدة أي صلاة واحدة فرضاً كانت أو نفلاً، فالتضعيف المذكور في الحديث لا يختص بالفرض بل يعم النفل أيضاً. وقال الطحاوي: إن ذلك مختص بالفرائض لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. قال الحافظ: ويمكن أن يقال: لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما، وكذا في المسجدين، وإن كانت في البيوت أفضل مطلقاً. (في مسجدي هذا) أي مسجد المدينة لا مسجد قباء، واختلف هل يدخل في التضعيف ما زيد في المسجد النبوي في زمن الخلفاء الراشدين من بعدهم أم لا؟ إن غلبنا اسم الإشارة انحصر التضعيف فيه ولم يعم ما زيد فيه؛ لأن التضعيف إنما ورد في مسجده وقد أكده بقوله "هذا"، فإن الإشارة لخصوص البقعة الموجودة يومئذٍ فلم تدخل فيه الزيادة، ولا بد في دخولها من دليل، قال النووي: ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه - صلى الله عليه وسلم - دون ما زيد فيه بعده بخلاف المسجد الحرام، فإنه يشمل جميع مكة بل صحح أنه يعم جميع الحرم، وإن غلبنا التسمية لم يختص التضعيف بما كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وإليه ذهبت الحنفية كما صرح به في الدر المختار، قال ابن عابدين: وأصل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة في مسجدي هذا. ومعلوم أنه قد زيد في المسجد النبوي، فقد زاد فيه عمر، ثم عثمان، ثم الوليد، ثم المهدي، والإشارة "بهذا" إلى المسجد المضاف المنسوب إليه - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أن جميع المسجد الموجود الآن يسمى مسجده - صلى الله عليه وسلم -، فقد اتفقت الإشارة والتسمية على شيء واحد، فلم تلغ التسمية فتحصل المضاعفة المذكورة في الحديث فيما زيد فيه، وخصها الإمام النووي بما كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - عملاً بالإشارة، قال القاري واعترضه ابن تيمية وأطال فيه، والمحب الطبري، وأوردا آثاراً استدلا بها، وبأنه سلم في مسجد مكة أن المضاعفة لا تخصتص بما كان موجوداً في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وبأن الإشارة في الحديث إنما هي لإخراج غيره من المساجد المنسوبة إليه - صلى الله عليه وسلم -، وبأن الإمام مالكاً سئل عن ذلك فأجاب بعدم الخصوصية وقال: لأنه عليه السلام أخبر بما يكون بعده، وزويت له الأرض، فعلم بما يحدث بعده، ولولا هذا ما استجاز الخلفاء الراشدون أن