يستزيدوا فيه بحضرة الصحابة ولم ينكر ذلك عليهم، وبما في تاريخ المدينة عن عمر رضي الله عنه أنه لما فرغ من الزيادة قال لو انتهى إلى الجبانة – وفي رواية إلى ذي الحليفة – لكان الكل مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما روي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لو زيد في هذا المسجد ما زيد كان الكل مسجدي. وفي رواية: لو بني هذا المسجد إلى صنعا كان مسجدي. هذا خلاصة ما ذكره ابن حجر في الجوهر المنظم-انتهى مافي المرقاة. قلت: لو كان حديث أبي هريرة: لو زيد في هذا المسجد، الخ. قابلاً للإحتجاج لكان قاطعاً للنزاع، لكنه ضعيف بجميع طرقه لا يصلح بمجموعها للاستدلال، قال في تمييز الطيب من الخبيث (ص١١٩) : حديث صلاة في مسجدي هذا ولو وسع إلى صنعاء اليمن بألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام. أخرجه ابن أبي شيبة في أخبار المدينة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ "لو مد مسجدي هذا إلى صنعاء كان مسجدي"، وفي سنده ضعف، وله شواهد لا تقوم الحجة بمجموعها فضلاً عن أفرادها، ولذا خصص النووي اختصاص التضعيف بمسجده الشريف عملاً بالإشارة في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة-انتهى. وقال ابن عابدين: وأما حديث: لو مد مسجدي هذا إلى صنعاء كان مسجدي. فقد اشتد ضعف طرقه فلا يعمل به في فضائل الأعمال كما ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة-انتهى. (خير) أي من جهة الثواب لا من جهة الإجزاء فالتضعيف يرجع إلى الثواب ولا يتعدى إلى الإجزاء بإتفاق العلماء كما نقله النووي وغيره، فلو كان عليه صلاتان فصلى في أحد المسجدين صلاة لم تجزه إلا عن واحدة، وهذا مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعة، فإنها تزيد سبعاً وعشرين درجة كما سيأتي في فضل الجماعة لكن هل يجتمع التضعيفان أو لا؟ محل بحث. (من ألف صلاة) تصلي. (فيما سواه) من المساجد. (إلا المسجد الحرام) بالنصب على الاستثناء ويجوز الجر على أن إلا بمعنى غير أي فإن الصلاة فيه خير من الصلاة في مسجدي، ويدل له حديث عبد الله بن الزبير أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان من طريق عطاء عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا. وفي رواية ابن حبان: وصلاة في ذلك أفضل من مائة صلاة في مسجد المدينة. قال ابن عبد البر: اختلف على ابن الزبير في رفعه ووقفه، ومن رفعه أحفظ وأثبت، ومثله لا يقال بالرأي. ويدل له أيضاً حديث جابر أخرجه ابن ماجه مرفوعاً، وفيه: وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه. قال الحافظ: وفي بعض النسخ "من مائة صلاة فيما سواه"، فعلى الأول معناه في ما سواه إلا مسجد المدينة، وعلى الثاني معناه من مائة صلاة في مسجد المدينة. ورجال إسناده ثقات، لكنه من رواية عطاء في ذلك عنه قال ابن عبد البر: جائز أن يكون عند عطاء في ذلك عنهما، وعلى ذلك يحمله أهل الحديث، ويؤيده أن عطاء إمام واسع الرواية، معروف بالرواية عن جابر وابن الزبير، ويدل لذلك أيضاً حديث أبي الدرداء، أخرجه البزار والطبراني