٦٩٨- (٥) وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام،
ــ
مرفوعاً: الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمس مائة صلاة. قال الحافظ في الفتح: قال البزار: إسناده حسن، ففي هذه الأحاديث الثلاثة دلالة واضحة على أن المراد بالاستثناء في حديث أبي هريرة تفضيل المسجد الحرام، ورد صريح على من حمل الاستثناء على المساواة، أو على أن المراد أن الصلاة في مسجدي لا تفضل الصلاة في المسجد الحرام بألف بل بدونها. قال القاري: لا تنافي بين الروايات المختلفة في التضعيف لاحتمال أن حديث الأقل قبل حديث الأكثر، ثم تفضل الله تعالى بالأكثر شيئاً بعد شيء، ويحتمل أن يكون تفاوت الأعداد لتفاوت الأحوال لما جاء: أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين إلى سبعمائة إلى غير نهاية-انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً الترمذي وابن ماجه في الصلاة والنسائي في المناسك، وفي الباب عن جماعة من الصحابة ذكر أحاديثهم الحافظ المنذري والعيني.
جمادى ثان رمضان شعبان ذو القعدة قوله. (لا تشد الرحال) بضم التاء على البناء للمفعول بلفظ النفي، والمراد النهي عن المسافرة إلى غيرها، قال الطيبي: وهو أبلغ مما لو قيل: لا تسافر لأنه صور حالة المسافرة وتهيئة أسبابها من الراكب وفعل الشد، ثم أخرج النهي مخرج الإخبار، أي لا ينبغي ولا يستقيم أنيقصد الزيارة بالرحلة إلا إلى هذه البقاع الشريفة لاختصاصها بالمزايا والفضائل؛ لأن إحداها بيت الله وقبلتهم، رفع قواعدها الخليل عليه السلام، والثانية قبلة الأمم السالفة، عمرها سليمان عليه السلام، والثالثة أسست على التقوى، عمرها خير البريه، فكأن المسافرة إليها وفادة إلى بانيها – انتهى. والرحال – بكسر الراء – جمع رحل بالفتح وهو للبعير كالسرج للفرس، وهو أصغر من القتب، وشده كناية عن السفر لأنه لازمه، والتعبير بشدها خرج مخرج الغالب في ركوبها للمسافر في بلاد العرب إذ ذاك، فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والقطار الحديدي، والسيارات والدراجات والعربات في البر، والسفن والبواخر في البحر، والطيارات في الجو، والمشي على الأقدام في هذا المعنى، ويدل لذلك قوله في بعض طرقه: إنما يسافره. أخره مسلم. (إلا إلى ثلاثة مساجد) الاستثناء مفرغ، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع. ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها؛ لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام، لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم ههنا الموضع المخصوص وهو المسجد، قاله الحافظ. (مسجد الحرام) بإضافة الموصوف إلى الصفة، والحرام بمعنى المحرم كالكتاب بمعنى المكتوب. والمسجد - يخفض الدال- بدل من ثلاثة، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أى هي المسجد الحرام، والتاليان عطف عليه، ويجوز النصب بتقدير أعني، قيل: المراد به جميع الحرم، وقيل: يختص بالموضع الذي يصلي