للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٦٩٩- (٦) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة،

ومنبري على حوضي))

ــ

مساجد، وأما السفر إلى موضع للتجارة أو لطلب العلم أو لغرض آخر صحيح مما ثبت جوازه بأدلة أخرى فهو مستثنى من حكم هذا الحديث- انتهى كلام الشيخ. وقال الشاه عبد العزيز الدهلوي في تعليقه على البخاري في شرح هذا الحديث: المستثنى منه المحذوف في هذا الحديث إما جنس قريب أو جنس بعيد، فعلى الأول تقدير الكلام: لا تشد الرحال إلى المساجد إلا إلى ثلاثة مساجد. وحينئذٍ ما سوى المساجد مسكوت عنه، وعلى الوجه الثاني، لا تشد الرحال إلى موضع يتقرب به إلا إلى ثلاثة مساجد، فحينئذٍ شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة المعظمة منهي عنه بظاهر سياق الحديث، ويؤيده ما روى أبوهريرة عن بصرة الغفاري حين رجح عن الطور، وتمامه في الموطأ. وهذا الوجه قوي من جهة مدلول حديث بصرة انتهى، كذا في عون المعبود. وقال الشاه ولي الله الدهلوي في حجة الله (ج١: ص١٥٣) : كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها ويتبركون بها، وفيه من التحريف والفساد ما لا يخفى، فسد النبي - صلى الله عليه وسلم - الفساد بهذا الحديث لئلا يلتحق غير الشعائر بالشعائر، ولئلا يصير ذريعة لعبادة غير الله، والحق عندي أن القبر ومحل عبادة ولي من أولياء الله والطور كل ذلك سواء في النهي-انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً الترمذي وابن ماجه في الصلاة.

٦٩٩- قوله: (ما بين بيتي ومنبري) الموصول مبتدأ وخبره قوله: روضة ... الخ. والمراد بالبيت البيت المعهود وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية الطبراني: ما بين المنبر وبيت عائشة. وفي حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار بسند رجاله ثقات، وعند الطبراني من حديث ابن عمر بلفظ: ما بين قبري ومنبري. (روضة) بفتح الراء، أرض مخضرة بأنواع النباتات، وروضات الجنة أطيب بقاعها وأنزهها. (من رياض الجنة) اختلف في تأويله فقيل: المعنى أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة، فهو مجاز باعتبار المآل كقوله: الجنة تحت ظلال السيوف. أي الجهاد مآله الجنة. وقيل: المعنى أي كروضة الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر لا سيما في عهده - صلى الله عليه وسلم -، فيكون تشبيهاً بغير أداة، وهذا القول لا يخلو عن بعد؛ لأنه خلاف الظاهر يشترك فيه سائر المساجد وبقاع الخير. وقال أهل التحقيق: إن الكلام محمول على الحقيقة بأن ينقل هذا المكان يوم القيامة إلى الفردوس الأعلى، ولا يفنى ولا يهلك مثل سائر البقاع. ويحتمل أن يكون عين هذه البقعة روضة من رياض الجنة أنزلت منها إلى المسجد كما ورد في الحجر الأسود ومقام إبراهيم، وبعد قيام الساعة ينقل إلى مقامه الأصلي. (ومنبري على حوضي) أي على حافته والمراد بالحوض نهر الكوثر الكائن داخل الجنة لا حوضه الذي خارجها بجانبها المستمد من الكوثر. قيل: هذا إخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>