وتمضمض، ثم صبه لنا في إدواة، وأمرنا فقال: اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم، فاكسروا بيعتكم، وانضحوا مكانها بهذا الماء، واتخذوها مسجداً. قلنا: إن البلد بعيد، والحر شديد، والماء ينشف. فقال: مدوه من الماء، فإنه لا يزيده إلا طيباً)) رواه النسائي.
٧٢٢- (٢٩) وعن عائشة، قالت:((أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد في الدور،
ــ
تبعيضية وهي وما بعدها في محل نصب بدل اشتمال من المفعول به. (وتمضمض) منه بعد الوضوء أو في أثنائه. (ثم صبه) أي الماء المتمضمض به زيادة على مطلوبهم فضلاً، ويمكن أن يكون المصبوب هو الماء الباقي المطلوب. (في إدواة) بكسر الهمزة ظرف صغير من جلد. (وأمرنا) أي بالخروج. (فقال) بيان للأمر، أو أمرنا بمعنى أراد أمرنا فقال:(اخرجوا) إذناً بالخروج. (فإذا أتيتم أرضكم) أي دياركم. (فاكسروا) بكسر السين. (بيعتكم) أي غيروا محرابها وحولوه إلى الكعبة، وقيل: خربوها. (وانضحوا) بكسر الضاد وفتحها من ضرب وفتح أي رشوا. (مكانها بهذا الماء) ليصل إليها بركة فضل وضوئه، فالإشارة إلى فضل الوضوء. (واتخذوها) أي البيعة يعني مكانها. (مسجداً) فيه دليل على جواز اتخاذ البيع مساجد، وغيرها من الكنائس وبيوت الأصنام ونحوها ملحق بها بالقياس. (والحر) بالنصب ويرفع. (ينشف) بالتخفيف بصيغة المجهول، يقال نشف الثوب العرق-بالكسر- ونشف الحوض الماء ينشفه إذا شربه. (مدوه من الماء) أي زيدوا فضل ماء الوضوء من الماء غيره يعني صبوا عليه ماء آخر. (فإنه لا يزيده إلا طيباً) قال الطيبي: الضمير في "فإنه" إما للماء الوارد أو المورود، أي الوارد لا يزيد المورورد الطيب ببركته إلا طيباً أو المورورد الطيب لا يزيد بالوارد إلا طيباً-انتهى. وفي الحديث التبرك بفضله - صلى الله عليه وسلم -، ونقله إلى البلاد، ونظيره ماء زمزم، قيل: ويؤخذ من ذلك أن فضلة وارثيه من العلماء والصلحاء كذلك. (رواه النسائي) أي عن هناد بن السري، عن ملازم هو ابن عمر، وعن عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي. وقد أكثر الناس في قيس بن طلق، والحق أنه صدوق، وثقه العجلي، وابن معين في رواية عثمان بن سعد عنه. وقال ابن القطان: يقتضي أن يكون خبره حسناً لا صحيحاً، وأما بقية رجاله وهم من دون قيس بن طلق فهم ثقات. والحديث أخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه مطولاً عن خليفة: حدثنا مسدد بن مسرهد: حدثنا ملازم بالسند المتقدم، قال: خرجنا ستة وفداً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث. نقله ميرك عن التخريج، كذا في المرقاة.
٧٢٢- قوله:(أمر) الظاهر أن الأمر للندب لا للوجوب فكان معناه أذن. وهذا لأن مبناه على دفع المشقة عنهم كما سيأتي. (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد في الدور) جمع دار وهو اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة، والمراد المحلات، فإنهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة داراً. قال البغوي في شرح السنة: يريد بالدور المحال التي