٧٣٤- (٤١) وعن أبي أمامة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة كلهم ضامن على الله: رجل خرج غازياً في سبيل الله، فهو ضامن على الله حتى يتوفاه، فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة؛ ورجل راح إلى المسجد، فهو ضامن على الله؛ ورجل دخل بيته بسلام، فهو ضامن على الله)) .
ــ
٧٣٤- قوله:(ثلاثة) أي: أشخاص (كلهم) أي: كل واحد منهم، والإفراد باعتبار لفظ الكل. قال الخطابي: أنشدني أبوعمر، عن أبي العباس في كل بمعنى كل واحد:
فكلهم لا بارك الله فيهم ... إذا جاء ألقى خده يتسمعا
(ضامن على الله) عدى الضمان بعلى بتضمين معنى الوجوب والمحافظة، والضامن بمعنى المضمون كدافق بمعنى مدفوق في قوله تعالى:{من ماء دافق}[٦:٨٦] ) وعاصم بمعنى معصوم في قوله: {لا عاصم اليوم من أمر الله}[٤٣:١١] على تأويل و"راضية بمعنى مرضية" في قوله: {عيشة راضية} [٧:١٠١) أو هو بمعنى ذو ضمان أي: حفظ ورعاية كلا بن وتامر أي: صاحب لبن وتمر. وحاصل المعنى أنه يجب على الله بمقتضى وعده الصادق أن يحفظ كلا من هؤلاء الثلاثة من الضرر والخيبة والضياع والآفة (خرج غازياً) أي: حال كونه مريداً للغزو (فهو ضامن على الله) أي: واجب الحفظ والرعاية على الله كالشئ المضمون (حتى يتوفاه) أي: يقبض روحه إما بالموت أو بالقتل في سبيل الله (فيدخله الجنة) أي: مع الناجين (أو يرده) عطف على يتوفاه (بما نال) أي: مع ما وجد (من أجر) أي: ثواب فقط (أو غنيمة) أي: مع الأجر فأو للتنويع (ورجل راح) أي: مشى إلى المسجد (فهو ضامن على الله) أي: يعطيه الأجر وأن لا يضيع سعيه، أو واجب الوقاية والرعاية، ووقع في سنن أبي داود بعد قوله "ضامن على الله" حتى يتوفاه، فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر أوغنيمة، وهكذا رواه الحاكم وكذا ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وسقط هذا من جميع نسخ المشكاة (ورجل دخل بيته بسلام) يحتمل وجهين، أحدهما: أن يسلم على أهله إذا دخل منزله كقوله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم}[٦١:٢٤] والمضمون عليه أن يبارك عليه وعلى أهله فمعنى قوله: (فهو ضامن على الله) أي: يعطيه البركة والثواب الكثير لما روى أنه عليه السلام قال لأنس: إذا دخلت على أهلك فسلم، يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك. والوجه الآخر: أن يكون أراد بدخول بيته سالماً من الفتن، أي: طالباً للسلامة منها. قال الطيبي: وهذا أوجه لأن المجاهدة في سبيل الله سفرا، والرواح إلى المسجد حضراً، ولزوم البيت اتقاء من الفتن آخذ بعضها بحجزة بعض، فعلى هذا المضمون به هو رعاية الله تعالى وجواره من الفتن-انتهى. وإنما لم يذكر المضمون به في الأخير اكتفاء لظهور المراد وهو الأجر والمثوبة حسب ما يليق به من