٧٥١- (٥٨) وعن مالك، قال:((بنى عمر رحبة في ناحية المسجد تسمى الطيحاء، وقال: من كان
يريد أن يلغط، أو ينشد شعرا، أو يرفع صوته؛ فليخرج إلى هذه الرحبة)) رواه في الموطأ.
ــ
أيضاً الإسماعيلي. وروى عبد الرزاق عن نافع قال: كان عمر يقول: لا تكثروا اللغط، فدخل المسجد فإذا هو برجلين قد ارتفعت أصواتهما، فقال: إن مسجدنا هذا لا يرفع فيه الصوت – الحديث. وفيه انقطاع لأن نافعا لم يدرك ذلك الزمان.
٧٥١- قوله:(عن مالك) بن أنس الإمام صاحب المذهب المشهور إمام دار الهجرة (قال: بنى عمر رحبة) من بلاغات مالك، ففي الموطأ مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب بنى رحبة. قال الزرقاني: كذا ليحيى-أى ابن يحيى المصمودي الأندلسي – ولغيره: مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه أن عمر بن الخطاب (في ناحية المسجد) أي: بنى فضاء في خارج المسجد. قال في القاموس: رحبة المكان – وتسكن –ساحته ومتسعه. وقال الطيبي: الرحبة بالفتح الصحراء بين أفنية القوم، ورحبة المسجد ساحته (تسمى) أي: تلك الرحبة (البطيحاء) بضم الباء وفتح الطاء تصغير البطحاء، والبطحاء مسيل واسع فيه دقاق الحصى، وتسمية الرحبة بها إما لسعتها أو لوجود دقاق الحصى فيها. قال الباجي: هذه البطيحاء بناء يرفع على الأرض أزيد من الذراع، ويحدق حواليه بشئ من جدار قصير، ويوسع كهيئة الرحبة، ويبسط بالحصباء يجتمع فيها للجلوس-انتهى (وقال) أي: عمر (من كان يريد أن يلغط) بفتح أوله وثالثه أي: يتكلم بكلام فيه جلبة واختلاط، ولا يتبين. قال الطيبي: اللغط – بفتح الغين المعجمة وسكونها – صوت وضجة لا يفهم معناه. قال القاري: والمراد من أراد أن يتكلم بما لا يعنيه (أو ينشد شعرا) لنفسه أو لغيره أي: وإن كان مباحا (أو يرفع صوته) ولو بالذكر (فليخرج إلى هذه الرحبة) فإن الأمر فيها أسهل وأهون. قال الباجي: لما رأى عمر بن الخطاب كثرة جلوس الناس في المسجد وتحدثهم فيه، وربما أخرجهم ذلك إلى اللغط- وهو المختلط من القول وارتفاع الأصوات – وربما جرى في أثناء ذلك إنشاد شعر، بنى هذه البطيحاء إلى جانب المسجد وجعلها لذلك ليتخلص المسجد لذكر الله وما يحسن من القول، وينزه من اللغط وإنشاد الشعر، ولم يرد أن ذلك محرم. وإنما ذلك على معنى الكراهية، وتنزيهه المساجد، لاسيما مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجب أن ينزه المسجد من مثل هذا، ومعنى هذا أن المسجد مما أمرنا بتعظيمه وتوقيره. والثانية لأنه مبنى للصلاة وقد أمرنا أن نأتيها وعلينا السكنية والوقار، فبأن يلتزم ذلك بموضعها المتخذ لها أولى (رواه) أي: مالك (في الموطأ) بالهمزة والألف، وقد سبق الاعتراض على مثل صنيع المؤلف هذا، وكان حقه في هذا المقام أن يقول: وعن عمر أنه بنى رحبة، ثم يقول: رواه مالك بلاغا. وقد تقدم أيضاً أن ابن عبد البر صنف كتابا وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضل،