للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٥٢- (٥٩) وعن أنس، قال: ((رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - نخامة في القبلة؛ فشق ذلك عليه حتى رئى في وجهه، فقام فحكه بيده، فقال: إن أحدكم إذا قام في الصلاة فإنما يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة؛ فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه،

ــ

وقال: جميع ما فيه من قوله "بلغني" ومن قوله "عن الثقة عنده" مما لم يسنده، أحد وستون حديثاً كلها مسندة من غير طريق مالك إلا أربعة أحاديث، ثم ذكرها. وأثر عمر هذا ليس من الأربعة، فهو مسند إلى عمر في موضعه. وقد تقدم عن الزرقاني: أن صورة البلاغ إنما هي ليحيى، وأما غيره فقد ذكره مسندا.

٧٥٢- قوله: (نخامة) بالميم مع ضم النون، قيل: هي ما يخرج من الصدر، وقيل: النخاعة- بالعين – من الصدر، و–بالميم – من الرأس. وقيل: النخاعة هي البزاقة التي تخرج من أقصى الحلق (في القبلة) أي: في الحائط الذي في جهة القبلة (فشق) أي: صعب (ذلك) أي: ما ذكر من رؤية النخامة (حتى رئى) بضم الرأى وكسر الهمزة وفتح الياء، أي: شوهد أثر المشقة. قال الطيبي: الضمير الذي أقيم مقام الفاعل راجع إلى معنى قوله: فشق ذلك عليه. وهو الكراهة، وفي رواية النسائي: فغضب حتى أحمر وجهه (فكه) أي: أثر النخامة (بيده) المباركة تعليما لأمته، وتواضحا لربه جل جلاله ومحبة لبيته (إذا قام في الصلاة) أي: دخل فيها سواء كان في المسجد أو غيره (فإنما يناجي ربه) من جهة مساررته بالقرآن والأذكار فكأنه يناجيه تعالى، والرب تعالى يناجيه من جهة لازم ذلك، وهو إرادة الخير، فهو من باب المجاز، لأن القرينة صارفة عن إرادة الحقيقة، إذ لا كلام محسوسا إلا من جهة العبد. قال الحافظ: المراد بالمناجاة من قبل العبد حقيقة النجوى. ومن قبل الرب لازم ذلك، فيكون مجازا عن إقباله على العبد بالرحمة والرضوان (وإن) بكسر الهمزة (ربه بينه وبين القبلة) قال الخطابي: معناه أن توجهه إلى القبلة مفض بالقصد منه إلى ربه، فصار في التقدير كأن مقصوده بينه وبين القبلة، وقيل: هو على حذف مضاف أي: عظمة ربه، أو ثواب ربه، أو إطلاع ربه على ما بينه وبين القبلة أي: فيجب على المصلى إكرام قبلته بما يكرم به من يناجيه من المخلوقين عند استقبالهم بوجهه، ومن أعظم الجفاء وسوء الأدب أن تتنخم في توجهك إلى رب الأرباب، وقد أعلما الله تعالى بإقباله على من توجه إليه (فلا يبزقن أحدكم قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة إلى جهة (قبلته) التي عظمها الله، فلا تقابل بالبزاق المقتضي للاستخفاف والاحتقار، والأصح أن النهي للتحريم. قيل البزاق إلى القبلة دائماً ممنوع، ففي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان من حديث حذيفة مرفوعاً: من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه. وفي رواية لابن خزيمة من حديث ابن عمر مرفوعاً: يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه (ولكن) أي: ليبصق (عن يساره) أي: إذا كان فارغاً لا عن يمينه، فإن عن يمينيه كاتب الحسنات. كما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح (أو تحت قدمه) أي: اليسرى. وأو للتنويع وهو محمول على ما إذا لم يكن يساره

<<  <  ج: ص:  >  >>