وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار)) متفق عليه.
٢٣- (٢٢) وعن أبي موسى قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله، يدعون له
ــ
الكفر في الإطلاق (وأنا الدهر) برفع الراء، قيل: هو الصواب، ويؤيده الرواية التي فيها:((فإن الله هو الدهر)) ، وهو مضاف إليه أقيم مقام المضاف، أي أنا خالق الدهر أو صاحب الدهر، فحذف اختصاراً للفظ وتوسعاً في المعنى، وقيل: التقدير مقلب الدهر ولذا عقبه بقوله: بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وقيل: الدهر في قوله (وأنا الدهر) غير الأول، فإنه بمعنى زمان مدة العالم من مبدأ التكوين إلى أن ينقرض العالم، والثاني مصدر بمعنى الفاعل ومعناه أنا الداهر المتصرف المدبر المفيض لما يحدث، واستضعف هذا القول لعدم الدليل عليه، وقيل: الأظهر في معناه أنا فاعل ما يضاف إلى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إليّ؛ لأني فاعلها وإنما الدهر زمان جعلته ظرفاً لمواقع الأمور. قال عياض: زعم بعض من لا تحقيق له أن الدهر من أسماء الله تعالى، وهو غلط، فإن الدهر مدة زمان الدنيا، وقال ابن كثير: قد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذاً من هذا الحديث – انتهى. ويروى بنصب الدهر على الظرفية، أي أنا المتصرف في الدهر، أو أنا مدة الدهر، أقلب ليله ونهاره، أو أنا باقٍ مقيم أبداً لا أزول (بيدي الأمر) بالإفراد وفتح الياء وتسكن، وجوز التثنية وفتح الياء المشددة للتأكيد والمبالغة، أي الأمور كلها خيرها وشرها حلوها ومرها مما تنسبونها إلى الدهر تحت تصرفي (أقلب الليل والنهار) ، وعند أحمد (ج٢: ص٤٩٦) بسند صحيح عن أبي هريرة: ((لا تسبوا الدهر فإن الله تعالى قال: أنا الدهر، الأيام والليالي لي أجددها وأبليها، وآتي بملوك بعد ملوك)) ، ولا تخفى مطابقة الحديث لكتاب الإيمان على من تأمل في معناه. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود.
٢٣- قوله:(ما أحد أصبر) أي ليس أحد أشد صبراً، وهو حبس النفس على المكروه، والله تعالى منَزه عن ذلك، فالمراد لازمه وهو حبس العقوبة عن مستحقها إلى زمن آخر وتأخيرها أي ترك المعاجلة بالعقوبة، وقال الحافظ: أصبر: أفعل تفضيل من الصبر ومن أسمائه الحسنى الصبور، ومعناه: الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة، وهو قريب من معنى الحليم، والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة (على أذى) قيل: إنه اسم مصدر آذى يؤذي بمعنى المؤذي، صفة محذوف أي كلام مؤذٍ قبيح صادر من الكفار (يسمعه) صفة أذى، وهو تتميم لأن المؤذى إذا كان بمسمع من المؤذي كان تأثير الأذى أشد، وهذا بالنسبة إلينا وإلا فالمسموع وغيره معلوم عنده تعالى (من الله) متعلق بقوله أصبر لا بيسمعه (يدعون له) بسكون الدال، وقيل بتشديدها أي ينسبون إليه، والجملة استئناف بيان للأذى، واستشكل بأن الله تعالى منَزه عن تعلق الأذى به؛ لكونه صفة نقص، وهو منَزه عن كل نقص، وأجيب بأن المراد أذى يلحق