٢٤- (٢٣) وعن معاذ كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل، فقال:((يا معاذ هل تدري
ــ
رسله وصالحي عباده، إذ في إثبات الولد له إيذاء لهم؛ لأنه تكذيب لهم في نفي الصاحبة والولد عن الله وإنكاره لمقالتهم، فأضيف الأذى لله تعالى للمبالغة في الإنكار عليهم والاستعظام لمقالتهم (ثم يعافيهم) بدفع المكاره والبليات والمضرات عنهم (ويرزقهم) السلامة وأصناف الأموال، ولا يعجل تعذيبهم، فهو أصبر على الأذى من الخلق، لكن لا يؤخر النقمة قهراً بل تفضلاً مع القدرة على الانتقام، وفي الحديث إشارة إلى أن الصبر على احتمال الأذى محمود، وترك الانتقام ممدوح، ولهذا كان جزاء كل عمل محصوراً وجزاء الصبر غير محصور، قال تعالى:{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}[٣٩: ١٠](متفق عليه) أخرجه البخاري في التوحيد باللفظ الذي ذكره المصنف، إلا أن فيه سمعه بصيغة الماضي مكان قوله "يسمعه"، وأخرجه أيضاً في الأدب، وأخرجه مسلم في باب الكفار من كتاب صفة القيامة، وأخرجه النسائي في النعوت.
٢٤- قوله:(عن معاذ) بضم الميم هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي الأنصاري الخزرجي، أبوعبد الرحمن المدني، أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وشهد بدراً وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، روى الترمذي وغيره عن أبي قلابة عن أنس مرفوعاً في ذكر بعض الصحابة: وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ومتصلاً:((يأتي معاذ يوم القيامة أمام العلماء برتوة)) ، وقال ابن مسعود: كنا نشبهه بإبراهيم – عليه السلام -، وكان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين، وقال الأعمش عن أبي سفيان حدثني أشياخ لنا فذكر قصة فيها فقال عمر: عجزت النساء أن تلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر، وبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - قاضياً ومعلماً إلى اليمن، وقال أبونعيم في الحلية: إمام الفقهاء وكنْز العلماء، شهد العقبة وبدراً والمشاهد وكان من أفضل شباب الأنصار حلماً وحياء وسخاء وكان جميلاً وسيماً، ومناقبه كثيرة جداً، روى عنه خلق من الصحابة والتابعين، له مائة وسبعة وخمسون حديثاً، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بحديث، قدم اليمن في خلافة أبي بكر، وكانت وفاته بالطاعون في الشام سنة سبع عشرة أو التي بعدها، وهو قول الأكثر، وعاش أربعاً وثلاثين سنة، وقيل غير ذلك (كت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم -) الردف بكسر الراء وسكون الدال، والرديف: الراكب خلف الراكب بإذنه، وردف كل شيء مؤخره، وأصله من الركوب على الردف وهو العجز، ولهذا قيل للراكب الأصلي: ركب صدر الدابة، وردفت الرجل إذا ركبت وراءه وأردفته إذا أركبته وراءك (على حمار) اسمه عفير تصغير أعفر، أهداه المقوقس أو فرزة بن عمرو (ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل) بفتح الراء وسكون الحاء المهملة، وهو للبعير كالسرج للفرس، والمراد قدر مؤخرة الرحل