للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خيراً له من أن يمر بين يديه. قال أبوالنضر: لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة)) متفق عليه.

ــ

جواب "لو" ليس هو المذكور بل التقدير: لو يعلم ما الذي عليه لوقف أربعين، ولو وقف أربعين لكان خيراً له. قال الحافظ: وليس ما قاله متعيناً. وقال السندي: أي: لكان وقوفه خيراً له من المرور عنده. ولهذا علق بالعلم، وإلا فالوقوف خيراً له سواء علم أو لم يعلم (خيراً له) بالنصب على أنه خبر كان، واسمه قوله: أن يقف. وروى بالرفع، وهي رواية الترمذي. قيل: هو مرفوع على أنه اسم كان، وسوغ الابتداء بالنكرة لكونها موصوفة. ويحتمل أن يقال: اسمها ضمير الشأن، والجملة خبرها. قال الكرماني: أبهم العدد تفخيماً للأمر وتعظيماً له. قال الحافظ: ظاهرالسياق أنه عين المعدود، ولكن شك الراوي فيه. وقد وقع في مسند البزار من حديث أبي جهيم "لكان أن يقف أربعين خريفا" أي: عاماً. أطلق الخريف على العام من إطلاق الجزء على الكل. وسيأتي في الفصل الثالث من حديث أبي هريرة "كان لأن يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها" وهذا مشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين. وجنح الطحاوي إلى أن التقييد بالمائة وقع بعد التقييد بالأربعين زيادة في تعظيم الأمر على المار، لأنهما لم يقعا معاً، إذ المائة أكثر من الأربعين، والمقام مقام زجر وتخويف، فلا يناسب أن يتقدم ذكر المائة على الأربعين، بل المناسب أن يتأخر ومميز الأربعين إن كان هو السنة ثبت المدعى، أو ما دونها فمن باب الأولى (من أن يمر) أي: من المرور (بين يديه) أي: المصلي لأن إثم المرور يفضى إلى تعب هو أشد من هذا التعب، فإن عذاب الدنيا وإن عظم يسير (قال أبوالنضر) هذه مقولة مالك، وأبوالنضر-بفتح النون وسكون الضاد المعجمة-اسمه سالم بن أبي أمية المدني مولى عمر بن عبيد الله التيمي، سمع أنساً. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة ثبت، وكان ابن عيينة يصفه بالفضل، والعقل، والعبادة. وقال الحافظ: ثقة ثبت، وكان يرسل من صغار التابعين، روى عنه مالك، والسفيانان، وغيرهم. مات سنة (١٢٩) (قال) وفي رواية "أقال" بهمزة الاستفهام. والضمير يرجع إلى بسر بن سعيد، وقيل: إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أربعين يومًا، أو شهراً، أو سنةً) معنى هذا الكلام أن أبالنضر قال: لا أدري-أى لا أحفظ- أن شيخي بسر بن سعيد أقال بعد قوله عن أبي جهيم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر بعد قوله "أربعين" لا يوماً، ولا شهراً، ولا سنة، فلا أدري هل ذكر بعد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً من هذه الثلاثة أو لم يذكر. والحديث يدل على تحريم المرور بين يدي المصلي، فإن في معنى الحديث النهي الأكيد، والوعيد الشديد على ذلك، قاله النووي. ومقتضى ذلك أن يعد في الكبائر. وظاهره يدل على منع المرور مطلقاً، ولو لم يجد مسلكاً، بل يقف حتى يفرغ المصلى من صلاته (متفق عليه) واللفظ للبخاري، وأخرجه أيضاً مالك، وأحمد والترمذي وأبوداود، والنسائي وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>