٧٨٣- (٦) وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو الشيطان)) .
ــ
٧٨٣- قوله:(إلى شيء يستره من الناس) مما سلف تعيينه من السترة، وقدرها، وقدركم يكون بينها وبين المصلي. وفيه أنه لا يجوز الدفع والمقاتلة إلا لمن كان له سترة. قال النووي: اتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته بل احتاط وصلى إلى سترة، أو في مكان يأمن المرور بين يديه (أن يجتاز) من الجواز أي: يعبر ويمر ويتجاوز (بين يديه) وليدرأه ما استطاع، قيل: ندبا. وقال أهل الظاهر: وجوبا، وهو الظاهر. قال القرطبي: أي: بالإشارة ولطيف المنع، أو بوضع اليد على نحره كما في رواية. وقيل: بالتسبيح أو الجهر بآية في الصلاة السرية، فإن كانت الصلاة جهرية يرفع بها صوته أزيد من قرأته. قال عياض: اتفقوا على أنه لا يجوز له المشى إليه من موضعه ليرده، إنما يرده ويدفعه من موقفه لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه. وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه. ولهذا أمر بالقرب من سترته، وإنما يرده إذا كان بعيدا منه بالإشارة والتسبيح-انتهى (فإن أبى) أي: امتنع من الاندفاع (فليقاتل) حملوه على أشد الدفع، وقالوا: يزيد في دفعه الثاني أشد من الدفع الأول. قال القرطبي: اجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح لمخالفة ذلك لقاعدة الإقبال على الصلاة، والإشتغال بها، والخشوع فيها – انتهى. وقال الحافظ: وقد رواه الإسماعيلي بلفظ "فإن أبى فليجعل يده في صدره ويدفعه، " وهو صريح في الدفع باليد، قال: وقال أصحابنا يرده بأسهل الوجوه، فإن أبى فبأشدها ولو أدى إلى قتله، فلو قلته فلا شيء عليه، لأن الشارع أباح له مقاتلته، والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها. ونقل عياض وغيره أن عندهم خلافاً في وجوب الدية في هذه الحالة (فإنما هو شيطان) تعليل للأمر بقتاله، أو لعدم اندفاعه، أولهما. أي: مطيع له فيما يفعل من المرور. وإطلاق الشيطان على مارد الإنس شائع ذائع. وقد جاء في القرآن قوله تعالى:{شياطين الإنس والجن}[١١١:٦] وسبب إطلاقه عليه أنه فعل فعل الشيطان في إرادة التشويش على المصلي. وقيل المراد: إنما الحامل له على ذلك شيطان. وقد وقع في رواية للإسماعيلي "فإن معه الشيطان" ونحوه لمسلم من حديث ابن عمر بلفظ "فإن معه القرين" أي: الشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه، الحامل له هذا الفعل، يعني فينبغي منعه مهما أمكن عن ذلك الفعل الذي الحامل عليه الشيطان. وقد اختلف في الحكمة المقتضية للدفع، فقيل: لدفع الإثم عن المار. وقيل: لدفع الخلل الواقع بالمرور في الصلاة. وهذا الأرجح لأن عناية المصلى بصيانة صلاته أهم من دفعه الإثم عن غيره. قال الأمير اليماني، ولو قيل: إنه لهما معا لما بعد، فيكون لدفع الإثم عن المار الذي أفاده حديث "لو يعلم المار" ولصيانة الصلاة عن النقصان من أجرها، فقد أخرج أبونعيم عن عمر "لو يعلم المصلى ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا