٧٨٦- (٩) وعن ابن عباس، قال:((أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ــ
آخره، يشمل ما إذا كانت مارة أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، فلما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى وهي مضطجعة أمامه دل ذلك على نسخ الحكم في المضطجع، وفي الباقي بالقياس عليه (ولما كان ذلك كذلك مع أن النفوس جبلت على الإشغال بها فغيرها من الكلب والحمار كذلك بل أولى) قال: وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة، وقد تقدم ما فيه، فلو ثبت أن حديثها متأخر عن حديث أبي ذر لم يدل إلا على نسخ الاضطجاع فقط. وقد نازع بعضهم في الاستلال به مع ذلك من أوجه أخرى، أحدها: أن العلة في قطع الصلاة فيها ما يحصل من التشويش، وقد قالت "إن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح" فانتفى المعلول بانتفاء علته. ثانيها: أن المرأة في حديث أبي ذر مطلقة، وفي حديث عائشة مقيدة بكونها زوجته، فقد يحمل المطلق على المقيد ويقال يتقيد القطع بالأجنبية لخشية الافتتان بها بخلاف الزوجة، فإنها حاصلة. ثالثها أن حديث عائشة واقعة حال يتطرق الاحتمال بخلاف حديث أبي ذر فإنه مسوق مساق التشريع العام. وقال بعض النابلة: يعارض حديث أبي ذر وما وافقه أحاديث صحيحة غير صريحة، وصريحة غير صحيحة، فلا يترك العمل بحديث أبي ذر الصريح بالمحتمل، يعني حديث عائشة وما وافقه. والفرق بين المار وبين النائم في القبلة أن المرور حرام بخلاف الاستقرار نائما كان أم غيره، فهكذا المرأة يقطع مرورها لا لبثها- انتهى. ومن وجوه المنازعة أيضاً ما قيل: إنه يحمل على أن ذلك وقع في غير حالة الحيض، والحكم بقطع المرأة للصلاة إنما هو إذا كانت حائضا كما تقدم (متفق عليه) واللفظ لمسلم، وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود، والنسائي وابن ماجه بألفاظ متقاربة.
٧٨٦- قوله:(على أتان) متعلق بقوله "راكباً" وأتان- بفتح الهمزة، وبالمثناه الفوقية، وفي آخره نون، وشد كسر الهمزة كما حكاه الصغاني، وهي الأنثى من الحمير، ولا يقال "أتانة" والحمار يطلق على الذكر والأنثى. وفي بعض طرق البخاري عل حمار أتان- بالتنوين فيهما- على أن قوله "أتان" صفة للحمار، أو بدل منه بدل بعض من كل، لأن الحمار يطلق على الجنس فيشمل الذكر والأنثى، أو بدل كل من كل نحو شجرة زيتونة، وروى بالإضافة، أي: حمار أنثى كفحل أتن (وأنا يومئذ) الواو للحال، وأنا مبتدأ وخبره قوله (قد ناهزت الاحتلام) أي: قاربت، يقال: ناهز الصبي البلوغ إذا قاربه وداناه. قال صاحب الأفعال: ناهز الصبي الفطام دنا منه، ونهز الشيء أي: قرب. والمراد بالاحتلام البلوغ الشرعي، وهو مشتق من الحلم بالضم. وقد أخرج البزار بإسناد صحيح أن هذه القصة كانت في حجة الوداع، ففيه دليل على أن ابن عباس كان في حجة الوداع دون البلوغ. وقد اختلف في سنه حين توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقيل: ثلاث عشرة، ويدل له قولهم "إنه ولد في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين". وقيل: كان عمره عشر سنين وهو ضعيف، وقيل: