٧٨٥- (٨) وعن عائشة رضي الله عنها، قالت:((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل وأنا معترضة بينه
وبين القبلة كاعتراض الجنازة)) .
ــ
٧٨٥- قوله:(وأنا معترضة بينه وبين القبلة) قال ابن الملك: الاعتراض صيرورة الشيء حائلا بين شيئين، ومعناه ههنا مضطجعة (كاعتراض الجنازة) بفتح الجيم وكسرها. والمراد أنها تكون نائمة بين يديه من جهة يمينه إلى جهة شماله كما تكون الجنازة بين يدي المصلي عليها. وفي رواية للبخاري: ذكر عند عائشة ما يقطع الصلاة، فقالوا: يقطعها الكلب والحمار، والمرأة، فقالت: لقد جعلتمونا كلابا، وفي رواية: ذكر عندها ما يقطع الصلاة، الكلب والحمار، والمرأة، فقالت شبهتمونا بالحمر والكلاب، والله لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس فأوذي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنسل (أي أمضى وأخرج بتأن وتدريج) من عند رجليه. والحديث استدلت به عائشة والجمهور بعدها على أن المرأة لا تقطع صلاة الرجل لأنها إذا كانت لا تقطع في حالة كونها معترضة مضطجعة- وهذه الحالة أقوى من المرور- ففي المرور بالأولى. وفيه أنه ليس فيما ذكرت مرور امرأة بين يدي المصلى، ومحمل حديث"يقطع الصلاة الكلب" الخ. هو المرور. قال السندي: لا دلالة في حديث عائشة أنها مرت بين يديه، وقال ابن بطال: هذا الحديث وشبهه من الأحاديث التي فيها اعتراض امرأة بين المصلي وقبلته تدل على جواز القعود لا على جواز المرور- انتهى. لا يقال: إن قولها "أنسل" صريح في المرور، فإن الانسلال هو المرور. لأن المرور المتنازع فيه هو أن يمر المار بين يدي المصلي معترضا، لا أن يمشي ذاهبا لجة القبلة أو لجهة الرجلين، ولم يتحقق ههنا إلا المضيء إلى جهة الرجلين كما يدل عليه قولها "فأنسل من عند رجليه" وأما ما قيل: من أن اعتراض المرأة أشد من المرور، فإذا لم يقطع الصلاة الاعتراض لا يقطع المرور أيضاً بالأولى، ففيه أن الظاهر أن حصول التشويش بالمرأة من جهة الحركة والسكون، وعى هذا فمرورها أشد من اعتراضها واضطجاعها وجلوسها. وفي النسائي في هذا الحديث "فإذا أردت أن أقوم كرهت أن أقوم فأمر بين يديه انسللت انسلالا". فالظاهر أن عائشة إنما أنكرت إطلاق كون المرأة تقطع الصلاة في جميع الحالات لا المرور بخصوصه. وأما إنكار عائشة على من ذكر المرأة مع الكلب والحمار فيما يقطع الصلاة مع أنها روت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ "لا يقطع صلاة المسلم إلا الحمار، والكافر، والكلب، والمرأة" فقالت عائشة: يا رسول الله! لقد قرنا بدواب سوء. أخرجه أحمد. فيحتمل أنها نسيت حديث القطع عند الإنكار، ويمكن أن يكون عندها معنى القطع بمرور المرأة فيما روت، وهو قطع الخشوع بمرورها. وأما حديث الاعتراض فذكرته للرد على من قال بقطع الصلاة بالمرأة بمعنى إبطالها بالكلية. وقيل: أنكرت كون الحكم باقيا هكذا فلعلها كانت ترى نسخه. وروى البخاري أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم فيصلي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة على فراشه. قال الحافظ: وجه الدلالة من حديث عائشة الذي احتج به ابن شهاب أن حديث "يقطع الصلاة المرأة" إلى